196

بك الى هذا الموضع؟ فقال : عادة الجسد وسنة البلد ولنبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة ، فقال له الصادق عليه السلام : أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم ، فذهب يتكلم ، فقال له : لا جدال في الحج ونفض رداءه من يده ، وقال : إن يكن الأمر كما تقول وليس كما تقول نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول نجونا وهلكت (1).

وناظر الصادق عليه السلام يوما في تبديل الجلود في النار ، فقال : ما تقول في هذه الآية « كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها » (2) هب هذه الجلود عصت فعذبت فما بال الغير يعذب؟ قال أبو عبد الله عليه السلام : ويحك هي هي وهي غيرها ، قال : اعقلني هذا القول ، فقال له : أرأيت لو أن رجلا عهد الى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها (3) ثم ردها الى هيئتها الأولى ، ألم تكن هي هي وهي غيرها؟ فقال : بلى أمتع الله بك (4).

أقول : هذا ما توصل إليه عظماء الفلاسفة بعد جهد وبحوث طويلة في تحليل صحة عذاب الانسان المجرم ، مع أن ذرات جسمه الذي وقع منه الجرم تتبدل وتتحول دائما ( بل هم في لبس من خلق جديد ) (5). وبهذا البيان الدقيق يجاب عن شبهة الآكل والمأكول المعروفة ، فمن أين تعلم هذه الفلسفة الدقيقة في تلك العصور التي ما شمت رائحتها؟ إنه الامام ، وكفى.

وكان لأبي شاكر الديصاني أحد ملاحدة العرب مع الصادق عليه السلام

مخ ۱۹۹