195

الموضوع فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر كان لا شيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره ، ولكن أجبت من حيث قدرت إنك تلزمنا وتقول : إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ما ضم شيء منه الى مثله كان اكبر ، وفي جواز التغير عليه خروجه من القدم كما بان في تغيير دخوله في الحدث ، ليس وراءه شيء يا عبد الكريم ، فانقطع وخزي.

أقول : إن خلاصة كلام الصادق عليه السلام : أن هذا العالم إذا ضم شيء منه إلى شيء آخر حدث شيء اكبر ، وفي ذلك زوال عن الحالة الاولى وانتقال الى حال اخرى ، والقديم لا تطرأ عليه هذه التحولات ، ولو كان ذلك التأليف بالفرض والوهم ، كما لو كانت الأشياء حسب فرض ابن أبي العوجاء باقية على صغرها لا تكبر ، لأنه من الامور البديهية بل أبده البديهيات أنه بضم شيء إلى شيء تحصل زيادة على كل من الشيئين ، وهذه إحدى بديهيات أربع هي أساس العلوم الرياضية كلها ، فقد أرجع الإمام الدليل على حدوث العالم الى أوضح بديهية في العقول التي لا يختلف فيها اثنان ، على أنه عليه السلام مع ذلك أجاب على تقدير هذا الفرض المحال وهو أن الأشياء تبقى على ما هي عليه بضم بعضها الى بعض أجاب بأن هذا الفرض نفسه هو فرض جواز التغيير عليه وخروجه من القدم ودخوله في الحدث ، لأن المفروض أن العالم تقبل الأشياء فيه الزيادة بضم بعضها الى بعض ، فلو فرضناه عالما آخر لا يقبل ذلك فقد فرضنا رفع هذا العالم وتغييره ، فيتحقق فيه الاستدلال على المطلوب. ما أدق هذا الدليل وأبدعه ، ولذلك انقطع به ابن أبي العوجاء وخزي.

ولما كان في العام القابل التقى معه في الحرم ، فقال له بعض شيعته : إن ابن أبي العوجاء قد أسلم ، فقال الصادق عليه السلام : هو أعمى من ذلك لا يسلم ، فلما بصر بالصادق عليه السلام قال : سيدي ومولاي ، فقال له : ما جاء

مخ ۱۹۸