أقول : ما أوجزها كلمة ، واكبرها حجة ، فإنا نجد الناس في حاجة مستمرة في كل شأن من شئون الحياة ، وهذه الحاجة تدل على وجود مآل لهم في حوائجهم غني عنهم بذاته ، وأن ذلك المآل واحد ، إلا لاختلف السير والنظام.
ويسأله مرة هشام بن الحكم بقوله : ما الدليل على أن الله تعالى واحد؟
فيقول عليه السلام : اتصال التدبير ، وتمام الصنع (1).
أقول : إن كل واحدة من هاتين الكلمتين تصلح لأن تكون دليلا برأسه ، وذلك لأن اتصال التدبير شاهد على وحدانية المدبر ، إذ لو كان اثنين أو اكثر لكان الخلاف بينهما سببا لحدوث فترة أو تضارب ، فلا يكون التدبير متصلا ، والتقدير دائما ، كما أن تمام الصنعة في الخلقة دائما شاهد آخر على الوحدانية ، لأن استمرار الاتفاق في الاثنين مع التكافؤ في كل شأن لا يكون أبدا ، كما نشاهده في الذين يديرون دولاب البلاد ، فإن حصل اختلاف ولو برهة فسد المخلوق ، فأين تمام الصنع؟ فالتمام دليل الوحدة أيضا.
ويسأله أبو شاكر الديصاني بقوله : ما الدليل على أن لك صانعا؟ فيقول عليه السلام : وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين إما اكون صنعتها أنا أو صنعها غيري ، فإن كنت صنعتها فلا أخلو من إحدى معنيين ، إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة فقد استغنت بوجودها عن صنعتها ، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا ، فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا وهو رب العالمين ، فقام وما أحار جوابا (2).
وسأل الصادق مرة ابن أبي العوجاء فقال له : أمصنوع أنت أم غير مصنوع؟
مخ ۱۶۹