سبق من كلامه إنكار إدراكه بالحواس ، والمثبت في جهة خاصة مدرك بالحواس.
ثم قال الصادق عليه السلام : قلت : أما إذ خرجت من حد الإنكار الى منزلة الشك فإني أرجو أن تخرج الى المعرفة ، قال : فإنما دخل علي الشك لسؤالك إياي عما لم يحط به علمي ، ولكن من أين يدخل علي اليقين بما لم تدركه حواسي؟ قلت : من قبل إهليلجتك هذه ، قال : ذاك إذن أثبت للحجة ، لأنها من آداب الطب الذي اذعن بمعرفته.
ثم أن الصادق عليه السلام صار يلقي عليه الأسئلة عما يخص الاهليلجة من كيفية صنعتها ، ومن وجود أمثالها في الدنيا ، والطبيب يراوغ في الجواب حذرا من الالتزام بالصنعة الدالة على الصانع ، الى أن ألزمه بما لا يجد محيصا من الاعتراف به وهو أنها خرجت من شجرة.
ثم قال الصادق : أرأيت الاهليلجة قبل أن تعقد ، إذ هي في قمعها ماء بغير نواة ولا لحم ولا قشر ولا لون ولا طعم ولا شدة ، قال : نعم ، قال الصادق عليه السلام : قلت له : أرأيت لو لم يرقق الخالق ذلك الماء الضعيف الذي هو مثل الخردلة في القلة والذلة ولم يقوه بقوته ويصوره بحكمته ويقدره بقدرته ، هل كان ذلك الماء يزيد على أن يكون في قمعه غير مجموع بجسم ولا قمع ولا تفصيل ، فإن زاد زاد ماء متراكبا غير مصور ولا مخطط ولا مدبر بزيادة أجزاء ولا تأليف أطباق.
قال : أريتني من تصوير شجرتها وتأليف خلقتها وحمل ثمرتها وزيادة أجزائها وتفصيل تركيبها أوضح الدلالات وأظهر البينات على معرفة الصانع ، ولقد صدقت بأن الأشياء مصنوعة ، ولكني لا أدري لعل الاهليلجة والأشياء صنعت نفسها.
مخ ۱۶۷