والتاسعة لا تدل على أن الإنكار قول الكل أو الأكثر، إلا إذا جعلت إضافة الأصحاب إلى الحديث للاستغراق المشير إلى الوفاق، وهو ليس بأظهر فيجوز أن يكون لفظ البعض محذوفا على ما اختاره ناصرك في مقام نصرتك كما مر سابقا. ويجوز أن تكون الإضافة عهدية، والظاهر الذي لا يميل القلب إلى ما سواه في عبارة ((المدينة)) هو الأول، يدل عليه قول صاحب ((المدينة)) قبل تلك العبارة، وقال بعض المحدثين: إنه لم يره. انتهى. فليكن هو المعول.
وأما العبارات الباقية، وهي: الثالثة، والخامسة، والسادسة، والثامنة، فالذي يستدل به منها قول أصحابها: لم يثبت ذلك عند أهل النقل، ولا يخفى سخافته عند أرباب العقل:
أما أولا؛ فلأن المذكور قبل لفظ ذلك في هذه العبارات هو الرواية والملاقات معا لا التلاقي منفردا، فلا تدل هذه العبارة إلا على أن تحقق هذين الأمرين معا كما ذهب إليه جمع ممن قلد أبا حنيفة غير ثابت جزما عند أهل النقل لا أن مجرد التلاقي والرؤية الذي هو مدار التابعية على الأقوال الصحيحة غير ثابت عند أهل النقل.
وأما ثانيا؛ فلأن المذكور قبل لفظ ذلك هو لقاؤه بجمع من الصحابة، فلا تدل العبارة المذكورة إلا على عدم ثبوت لقاء جمع من الصحابة كما ادعاه بعض الحنفية عند أهل النقل، لا على عدم ثبوت رؤية صحابي واحد كأنس - رضي الله عنه -، أيضا وهي كافية لكونه تابعيا عند أهل النقل.
مخ ۵۹