235

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

رسول ينعى باتروكلوس إلى أخيل!

وما إن قال مينيلاوس هذا - وهو يتلفت بحذر في كل جانب، كالنسر الذي يعتقد الناس أنه أقوى المخلوقات التي تحت السماء، لا سيما المجنحات - بصرا، فلا تخفى عنه الأرانب البرية، السريعة الأقدام، مهما يكن عاليا، بل ينقض النسر عليها لفوره، ويمسك بها فيسلبها الحياة. هكذا أيضا، يا مينيلاوس - يا سليل زوس - أخذت عيناك البراقتان تجولان هنا وهناك خلال حشد رفاقك العديدين، عسى أن يقع بصرك على ابن نسطور حيا.

وسرعان ما لمحه في الجانب الأيسر للمعركة، يشجع رفقاءه ويحثهم على القتال. فاقترب منه مينيلاوس الجميل الشعور، وخاطبه بقوله: «أي أنتيلوخوس ، تعال يا ربيب زوس، كي تعلم النبأ الممض الذي أتمنى ألا يكون أبدا، أعتقد أنك تعرف - لأن عينيك تريان الأمر - كيف أن ربا يدفع الخراب نحو الدانيين، والنصر نحو الطرواديين. والمقتول هو خير الآخيين، إنه باتروكلوس، فما أشد الحزن الذي ألم بالدانيين. فهل لك أن تنطلق بسرعة إلى سفن الآخيين، فتحمل النبأ إلى أخيل، أملا في أنه قد ينقل - إلى السفينة فورا - الجثة العارية، فقد استولى هكتور - ذو الخوذة البراقة - على حلته الحربية!»

هكذا تكلم، فلما سمع أنتيلوخوس هذا الكلام، استولى عليه الذعر، وظل صامتا مدة طويلة، وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وانحبس صوته. ومع ذلك فإنه لم يهمل أمر مينيلاوس، بل انطلق يجري، وأعطى حلته الحربية لزميله لاودوكوس المنقطع النظير، وكان يقود جياده القوية الحوافر بالقرب منه.

وأخذ يجري وهو يبكي، فحملته قدماه بعيدا عن المعركة، لينقل إلى أخيل نبأ سيئا. ولم يكن قلبك يا مينيلاوس، يا سليل زوس، معتزما مساعدة الرفاق الذين ضيق عليهم الخناق بشدة، وقد انصرف عنهم أنتيلوخوس، فداخل رجال بيليوس هم عظيم. على أنه لم يلبث أن أرسل ثراسوميديس العظيم لمعونتهم، وذهب هو شخصيا إلى المحارب باتروكلوس، وجرى يقف إلى جانب الأيانتيس، وتحدث إليهما قائلا: «لقد بعثت ذلك الرجل إلى السفن السريعة، ليذهب إلى أخيل، السريع القدمين. ومع ذلك، فلست أظن أن أخيل سيأتي فورا، مهما تكن نقمته على هكتور العظيم؛ لأنه لا يستطيع بحال ما أن يقاتل الطرواديين وهو غير مسلح. هيا نتدبر خير خطة نسحب بها الجثة، وننجو نحن أنفسنا من الموت والقدر، وسط طنين معركة الطرواديين.»

فأجابه أياس التيلاموني العظيم بقوله: «كل ما قلت صواب يا مينيلاوس الأمجد، فارفع أنت وميريونيس الجثة بسرعة، وانقلاها بعيدا عن المعمعة، بينما نقاتل من خلفكما الطرواديين وهكتور العظيم، نحن معا بقلب واحد، كما نحمل اسما واحدا، فمنذ زمن بعيد ونحن نتوق إلى الصمود في المعركة الطاحنة جنبا إلى جنب.»

الآخيون يظفرون بجثة باتروكلوس!

وإذ قال هذا، رفع الآخران القتيل عن الأرض بسواعدهما وقوتهما العظيمة. فلما أبصر الطرواديون الآخيين يرفعان الجثة، صاحوا وراءهما بصوت مدو، وانقضوا عليهما كالكلاب تنقض على خنزير بري جريح، أمام الصيادين الفتيان، حتى يهجم عليه هؤلاء ويمزقوه إربا، وما إن يدور حولهم معتمدا على قوته، حتى ينكصوا على أعقابهم مذعورين، مشتتين، واحدا هنا وواحدا هناك، هكذا أيضا ظل الطرواديون يقتفون أثرهما زرافات - إلى حين - وهم يطعنون بالسيوف والرماح ذات الحدين، فما إن كان الأيانتيس يستديران إليهم ويواجهانهم، حتى كان لونهم يتبدل، فلا يجرؤ أي فرد منهم على أن يهجم أو يقاتل من أجل الميت!

هكذا أسرع الاثنان بحمل الجثة بعيدا عن المعركة - إلى السفن الجوفاء - فاشتد ضدهما وطيس القتال، كالنار التي تندفع فجأة نحو مدينة للبشر، فتندلع فيها ألسنة اللهب، وتتداعى المنازل وتسقط وسط الوهج الشديد، بينما تزيدها الرياح اضطراما وزمجرة، هكذا أيضا كان طنين العربات والرماحين يقبل نحوهما بغير انقطاع، وهما ذاهبان بالجثة. وكما تركز البغال قوتها في كل جانب - تلك القوة الهائلة - لتجر كتلة من الخشب، أو قطعة ضخمة من سفينة، من جبل وعر المسالك، فتعاني قلوبها في جوفها لفرط التعب والعرق، هكذا أيضا أسرع هذان ليحملا الجثة، وكان الأيانتيس يحجزان العدو عنهما، كما تحجز الفيضان حافة من الخشب يتصادف وجودها في سهل، وتوقف التيارات المائية العظيمة للأنهار القوية، وفي الحال تحول اتجاهها لتتدفق فوق السهل، ولا تجدي قوة فيضانها في المرور خلالها.

هكذا أيضا حجز الأيانتيس معا معركة الطرواديين، ولكن هؤلاء يطاردونهما باستمرار، لا سيما اثنان كانا أشد تحمسا من الجميع، هما أينياس بن أنخيسيس، وهكتور المجيد.

ناپیژندل شوی مخ