219

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

2

لا يزال حيا، وإن بيليوس بن أياكوس يعيش وسط المورميدون، فلو مات هذان لحزنا أشد الحزن وأمضه. أم تراك حزينا على الأرجوسيين، وكيف يقتلون بجانب السفن الجوفاء بسبب تصرفهم الجائر؟ أفصح، ولا تكتم الأمر في نفسك، حتى نستطيع أن نعرفه نحن الاثنان.»

عندئذ أجبت أيها الفارس «باتروكلوس» - وأنت ترسل زفرة حرى - فقلت: «أي أخيل، يا ابن بيليوس، يا من تبز جميع الآخيين عتوا، لا تغضب، فإن نكبة بالغة قد حلت بالآخيين حقا، وإن جميع من كانوا فيما مضى أشجع الشجعان، يرقدون الآن وسط السفن مصابين بالرماح أو مجروحين بطعناتها؛ فقد أصيب ديوميديس العتيد، ابن توديوس، وجرح أوديسيوس - المشهور برمحه - بطعنة من رمح، وكذلك أجاممنون، كما أصيب «يوروبولوس» بسهم في فخذه. وإن الأطباء الماهرين في شتى الأعشاب الطبية لمنهمكون حول هؤلاء، يحاولون معالجة جراحهم، بيد أنه لا يمكن لأي رجل أن يعجم عودك، يا أخيل، فلا تدع مثل هذا الغضب يستبد بك ضدي أبدا، ذلك الذي تحتفظ به، أنت يا من أوتي جسارة على إيذاء الغير! بم يمكن للأجيال القادمة أن تفيد منك، إذا كنت لا تمنع الدمار المشين عن الأرجوسيين؟ يا عديم الرحمة، إن أباك - كما يبدو لي - لم يكن الفارس بيليوس، لا ولا كانت «ثيتيس» أمك، ولكن البحر الرمادي هو الذي حملك، والصخور الناتئة، إذ إن قلبك لا يلين. أما إذا كنت تتحاشى نبوءة ما في نفسك، أو أخبرتك أمك الجليلة بشيء ما من لدن زوس، فيمكنك على الأقل أن ترسلني بسرعة، ودع بقية جيش «المورميدون » يتبعوني، لعلي أستطيع أن أبرهن على أنني ضوء الخلاص للدانيين. وامنحني الحق في أن أشد إلى كتفي حلتك الحربية، أملا في أن يحسبني الطرواديون إياك، وبذلك يكفون عن الحرب، فيمكن لأبناء الآخيين الجسورين أن يتنفسوا الصعداء، وهم متعبون؛ لأن أمد التنفس في الحرب ضئيل، وإذ ذاك نستطيع نحن غير المتعبين أن نطرد - بسهولة - الرجال المتعبين، فنردهم بالقتال إلى المدينة، بعيدا عن السفن والأكواخ.»

هكذا تكلم متوسلا، فيا له من أحمق! لأنه في الحقيقة إنما كان يتوسل لموته ومصيره المشئوم. عندئذ تحدث إليه «أخيل» - السريع القدمين - وقد تأثر في نفسه تأثرا عميقا، فقال: «الويل لي، يا باتروكلوس، سليل زوس، ما هذا الذي قلت؟ إنني لا أكترث لأية نبوءة أنبئت بها، كما أن أمي الجليلة لم تخبرني بشيء من عند زوس، ولكن حزنا بغيضا يهبط على قلبي ونفسي، عندما يعتزم أن يسلب آخر من أنداده ويغتصب منه جائزته، لأنه يفوقه قوة. إن هذا ليسبب لي غما ما بعده غم؛ إذ إنني قد عانيت الآلام في قلبي. إن الفتاة التي انتقاها لي أبناء الآخيين جائزة، تلك التي ربحتها برمحي - عندما خربت مدينة مكينة الأسوار - أخذها من بين ذراعي الملك أجاممنون بن أتريوس الجبار، وكأنني غريب متطفل، ومع كل فلندع الماضي لأنه فات وانقضى. وليس لإنسان أن يضمر الغضب إلى الأبد. وإن كنت قد قلت إنني لن أطرح عني الغضب، حتى تحين الساعة التي تأتي فيها إلى سفني صيحة الحرب والقتال. فتعال إذن، وضع حلتي الحربية الرائعة فوق كتفيك، وتول قيادة المورميدون المشغوفين بالقتال، إذا كانت غمامة الطرواديين السوداء قد طوقت السفن حقا، ودفعت الأرجوسيين إلى ساحل البحر، ولم يبق لهم سوى رقعة ضيقة من الأرض، وقد خرجت مدينة طروادة على بكرة أبيها ضدهم غير هيابة؛ لأنها لا ترى مقدم خوذتي الشديدة التألق قريبا! ولو أن الملك أجاممنون كان قد أحسن معاملتي، لجعلت الطرواديين يفرون خفافا، ولامتلأت مجاري المياه بموتاهم، ولكنهم الآن يحاربون حول المعسكر؛ لأن الرمح لا يثور في يدي «ديوميديس بن توديوس »، ليدفع الخراب عن الدانيين، كما أنني حتى الآن لم أسمع صوت ابن أتريوس، صارخا من فمه البغيض! كلا، فما يجلجل حولي سوى صوت هكتور قاتل البشر، مناديا الطرواديين، وهم يملئون السهل كله بصيحاتهم، ويفنون الآخيين في القتال. ومع كل فاهجم في جبروت يا باتروكلوس، كي تدفع الخراب عن السفن، خشية أن يحرقوها فعلا بالنار المستعرة ويحرموا الإغريق من عودتهم المشتهاة. أصغ إلي حتى أقر في ذهنك آخر نصائحي، وبذلك يتسنى لك - على ما أرى - أن تكسب لي مجدا عظيما وشهرة على جميع الدانيين، عسى أن يردوا لي تلك الفتاة الفاتنة، ويضيفوا إليها جوائز نفيسة. وبعد أن تطردهم من السفن، عد ثانية، وإذا أنعم بعل هيرا

3 - المرعد عاليا - بكسب المجد، فلا تتلهف إلى محاربة الطرواديين - المحببين للقتال - بعيدا عني، فإنك بذلك تقلل من مجدي. وإياك أن تسير إلى «طروادة» - في نشوة الحرب والقتال وتذبيح الطرواديين - لئلا يهبط أحد الآلهة الخالدين من أوليمبوس وينضم إلى القتال. فإن أبولو - الذي يعمل من بعيد - يحبهم حبا جما. كلا، بل عد أدراجك بمجرد أن تحصل على بارقة خلاص وسط السفن، ودع للباقين مشقة القتال في السهل؛ لأنني أتمنى - يا أبتاه زوس، ويا أثينا، ويا أبولو - ألا يتمكن طروادي واحد من الموت، ولا أي فرد من الأرجوسيين، بل لننجو نحن الاثنان من الهلاك، كي نحظى وحدنا بتاج طروادة المقدس.»

هكتور يشعل النار في السفن!

هكذا تكلم كل منهما إلى الآخر، ولكن أياس

4

لم يصمد أكثر من ذلك، لأن الرماح كانت تحاصره بشدة، كانت مشيئة زوس متفوقة عليه، وكذلك الطرواديون الظافرون بحرابهم، فأخذت الخوذة البراقة تجلجل حول صدغيه بعنف - بغير انقطاع - والرماح تصيبها، إذ كانت تضرب باستمرار فوق قطع الخدين المتينة الصنع. ودب التعب بكتفه اليسرى، إذ كان ممسكا بترسه البراق بإحكام، يلوح به دون هوادة. ولم يكن في مقدورهم أن يدفعوه إليه محطما، رغم ضغطهم الشديد عليه بالرماح، وزاده تعبا أن ضاقت أنفاسه، وأخذ العرق يتصبب من أطرافه غزيرا من كل جانب، دون أن تتاح له لحظة يسترد فيها أنفاسه، فكان الأذى يتراكم على الأذى، من كل جانب!

والآن، خبرنني يا ربات الشعر، يا من لكن مساكن فوق أوليمبوس: كيف اندلعت النار لأول مرة في سفن الآخيين؟

ناپیژندل شوی مخ