186

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

غير أنه تلكأ، وراح يفكر في عمل مسرف في التهور: هل يأخذ العربة، حيث توجد العدة الحربية الفاخرة الوشي، ويجرها - من ذراعيها - إلى الخارج، أو يرفعها ليستطيع حملها بعيدا، أم أن الأصوب أن يسلب أكبر عدد من التراقيين حياتهم؟ وفيما كان يفكر في كل هذا - في سريرته - اقتربت منه أثينا، وخاطبت ديوميديس العظيم بقولها: «فكر الآن في العودة يا ابن توديوس العظيم الهمة، إلى السفن الخاوية، وإلا اضطررت إلى العودة إلى هناك في فرار، وأي فرار! إذ ربما يأتي إله آخر فيوقظ الطرواديين!»

هكذا قالت، وعرف هو صوت الربة وهي تتكلم، فامتطى صهوة الجياد - في الحال - وضربها أوديسيوس بقوسه، فانطلقت تعدو صوب سفن الآخيين السريعة.

بيد أن «أبولو» - ذا القوس الفضية - لم يكن أعمى في مراقبته. فلما أبصر أثينا تشد أزر ابن توديوس، انطلق وسط حشد الطرواديين العظيم - في غضب ضد هذه الربة - وأيقظ مستشار التراقيين «هيبوكوون» - وهو نبيل من أقرباء «ريسوس» - فهب هذا من نومه، وما إن رأى المكان الذي كانت فيه الجياد السريعة خاليا، والرجال يلفظون آخر أنفاسهم وسط بحار مخيفة من الدماء، حتى تأوه وأخذ يئن ذاكرا اسم زميله العزيز. فسرعان ما انبعث ضجيج واضطراب لا مثيل لهما بين الطرواديين. وأقبلوا جميعا مسرعين، وأخذوا ينظرون مبهوتين إلى الأعمال المروعة التي اقترفها المحاربان، ثم ذهبا بعد ذلك إلى السفن الخاوية.

عودة جاسوسي الآخيين

أما هذان، فعندما بلغا المكان الذي قتلا فيه جاسوس «هكتور»، أوقف «أوديسيوس» - حبيب زوس - الجياد السريعة، وقفز ابن توديوس إلى الأرض، فوضع الغنائم الملطخة بالدماء في أيدي أوديسيوس، ثم صعد ثانية إلى ظهور الجياد، ولمسها بالسوط، فلم يمنعها شيء من أن تعدو إلى السفن الخاوية، إذ كانت متلهفة إلى الوصول إلى هناك. وكان نسطور أول من سمع الصوت، فتكلم قائلا: «أصدقائي قادة وحكام الأرجوسيين، أأنا مخطئ أم أنني أقول الحق؟ إن قلبي يأمرني بالكلام، إن صوت جياد سريعة العدو يطن في آذاني. أرجو أن يكون أوديسيوس وديوميديس الجريء قد ساقا - بمثل هذه السرعة - جيادا قوية الحوافر، من عند الطرواديين، ولكن أخوف ما أخافه أن يكون هذان الأرجوسيان الباسلان قد أصيبا بشيء من الأذى إبان معركة الطرواديين الطاحنة!»

وما كاد نسطور ينتهي من كلمته هذه حتى أقبل الفارسان بنفسيهما، فوثبا إلى الأرض، وشمل الفرح الآخرين، فاستقبلوهما بالتصفيق وعبارات الترحيب الرقيقة. وكان الفارس نسطور الجيريني هو أول من سألهما بقوله: «خبرني الآن يا أوديسيوس، الجدير بالثناء البالغ، يا مجد الآخيين العظيم، كيف أخذتما معا هذه الجياد؟ أكان هذا بدخولكما إلى حشد الطرواديين ، أم التقى بكما أحد الآلهة وأعطاكما إياها؟ إنها تتلألأ كأشعة الشمس. ولطالما كنت ألتحم مع الطرواديين في المعارك، دون أن يخطر ببالي قط أن أحوم على مقربة من السفن - رغم كوني محاربا مكتهلا - ولكني لم أر في حياتي كلها جيادا كهذه، ولم أفكر في مثلها. إنني أعتقد أن إلها ما قد قابلكما وأعطاكما إياها، فإن زوس جامع السحب، وكذا ابنة زوس حامل الترس؛ أثينا البراقة العينين، يحبان كليكما.»

فرد عليه أوديسيوس الكثير الحيل، بقوله: «أي نسطور، يا ابن نيليوس، يا مجد الآخيين العظيم، يستطيع أي إله أن يهب بسهولة مثل هذه الجياد، إن أراد ذلك، لأن الآلهة أقوى بكثير، ولكن هذه الجياد التي تسألني عنها يا سيدي الشيخ، قد جاءت حديثا من تراقيا، وقتل ديوميديس المغوار صاحبها، كما قتل اثنا عشر من زملائه، وكلهم نخبة. أما الثالث عشر فكان جاسوسا قتلناه بالقرب من السفن، إذ أرسله هكتور والطرواديون الآخرون الأمجاد، ليتجسس على معسكرنا!»

وإذ قال هذا، قاد الجياد القوية الحوافر عبر الخندق جذلا، وصحبه بقية الآخيين فرحين. وما إن بلغوا كوخ ابن توديوس المتين البناء، حتى ربطوا الجياد بسيور جميلة عند المذود الذي كانت تقف عنده خيول ديوميديس السريعة الأقدام، تأكل القمح الحلو كالعسل. ثم وضع أوديسيوس غنائم «دولون» الملطخة بالدماء عند مقدم سفينته، ريثما يعدون قربانا مقدسا لأثينا. ونزل الاثنان إلى البحر ليغسلا العرق الغزير عن ركبهما ورقبتيهما وأفخاذهما. ولما أزال موج البحر العرق الكثير عن جلديهما، وانتعش قلباهما، دخلا إلى حمامات لامعة واغتسلا، وبعد الاستحمام دهن كلاهما نفسه بالزيت، ثم جلسا إلى العشاء. ومن وعاء مترع بالخمر الممزوجة، صبا خمرا في حلاوة العسل. وقدما سكيبة لأثينا.

الأنشودة الحادية عشرة

«... وأخيرا وجدا «أوديسيوس» - حبيب زوس - وقد التف حوله الطرواديون يهاجمونه كما تهاجم بنات آوى، النحاسية اللون، ظبيا مقرنا كان قد جرح لتوه ...»

ناپیژندل شوی مخ