183

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

وما إن تكلم، حتى شملهم السكون جميعا. ثم قام في وسطهم «ديوميديس»، البارع في صيحة الحرب، فقال: «أي نسطور، إن قلبي ليحثني - وكذلك روحي المتكبرة - على دخول معسكر العدو القريب، معسكر الطرواديين. ومع كل، فلو أن رجلا آخر يتبعني لازداد الارتياح والثقة، وإذا ذهب اثنان معا، فإن كلا منهما يستبق الآخر في تدبر الحصول على النفع. أما إذا ذهب واحد، فإنه لا يهتدي إلى شيء، بل إن ذكاءه يقصر، وحيلته تهن.»

هكذا قال، فرغب كثيرون في أن يتبعوا «ديوميديس». كان البطلان «أياس» - خادما أريس - تواقين إلى ذلك. وكان ميريونيس يميل إلى الذهاب معه، وكذلك كان ابن نسطور، وابن أتريوس، «مينيلاوس» الشهير برمحه، كما كان أوديسيوس الحازم راغبا في أن يتسلل إلى حشد الطرواديين؛ لأن الروح الكامنة في صدره كانت جريئة على الدوام. وعندئذ قام في وسطهم «أجاممنون» - ملك البشر - فتكلم قائلا: «يا ديوميديس، يا ابن توديوس العزيز على قلبي، لك أن تختار أي رجل تشاء من خير أولئك الذين يتطوعون بتقديم أنفسهم، ليكون رفيقا لك. فكثيرون ميالون إلى مصاحبتك، ولكن لا تدع قلبك - بدافع من الإعزاز - يتحول من الأفضل من الرجال فتأخذ لنفسك أسوأ رفيق، متأثرا بقدره أو بمولده. كلا، ولو كان ذلك الشخص أرقى محتدا!»

قال هذا؛ لأنه كان يخاف على «مينيلاوس» الجميل الشعر، ولكن «ديوميديس» البارع في صيحة الحرب، قام في وسطهم من جديد، وقال: «لو كنت حقا تأمرني أن أنتقي بنفسي رفيقا، فكيف يتأتى لي أن أنسى أوديسيوس شبيه الإله. إن قلبه وروحه الشامخة يفوقان جميع الآخرين شوقا إلى كل ضروب المشقة، كما أن الربة «أثينا» تحبه، فلو تبعني لأمكنني - ولو وسط النيران المستعرة - أن أعود معه بسلام؛ لأنه يفوق الجميع حكمة في الإدراك.»

عندئذ تحدث إليه «أوديسيوس» العظيم، القدير على احتمال المشاق، فقال: «يا ابن توديوس، لا تسرف كثيرا في امتداحي ولا في لومي. إن الأرجوسيين كلهم يعرفون هذا الذي نقوله وسطهم. هلم بنا ولنذهب؛ لأن الليل ينحسر حقا، والفجر يقترب. وا أسفاه، لقد تحركت النجوم بسرعة، وانقضى من الليل أكثر من ثلثيه. ولم يبق غير ثلث واحد.»

وما إن قال هذا، حتى ألبسوهما عدتيهما الحربيتين العظيمتين، وأعطى «ثراسوميديس» الجريء في القتال لابن توديوس سيفا ذا حدين - لأنه كان قد ترك سيفه بجانب سفينته - وترسا، ووضع على رأسه خوذة من جلد الثور، بدون قرون وبغير خصلة، أي عبارة عن قلنسوة تصون الرأس من تهور الشباب. كما أعطى «ميريونيس» لأوديسيوس قوسا وكنانة وسيفا، ووضع حول رأسه خوذة من الجلد، مبطنة بسيور عديدة أحكم شدها، بينما قويت من الخارج بأسنان بيضاء لخنزير ذي أنياب لامعة - وضعت بكثرة على هذا الجانب وذاك، بمتانة ومهارة - كما ثبتت داخلها بطانة من اللباد. وكان «أوتولوكوس» قد سرق هذه القلنسوة من «اليون»، عندما اقتحم بيت «أمونتور بن أورمينوس»، ذلك البيت المتين البناء، ثم أعطاها لأمفيداماس «الكيثيري»، ليسلمها إلى «سكاندايا» فأعطاها أمفيداماس بدوره إلى «مولوس» كهدية ضيف، ولكن هذا أعطاها لابنه ميريونيس ليرتديها. وها هي ذي قد استقرت على رأس «أوديسيوس»، فحمته!

وبعد أن تدثر الاثنان بحلتيهما الحربيتين العظيمتين، انطلقا في طريقهما، تاركين جميع الرؤساء هناك. ومن أجلهما أرسلت الربة «أثينا» طائر البلشون ليحلق على اليمين، بالقرب من طريقهما. وبالرغم من أنهما لم يرياه في الظلام إلا أنهما سمعا صراخه. فسر أوديسيوس لهذا الفأل، وصلى لأثينا قائلا: «أصغي إلي يا ابنة زوس حامل الترس، يا من تقفين دائما إلى جانبي في سائر أعمالي، ويا من لا أخفى عليك في أي مكان أتحرك فيه، عودي الآن إلى صداقتي ثانية، بعد أن كنت قد تركتني، واجعلينا نحرز سمعة طيبة ونعود ثانية إلى السفن، بعد أن نكون قد قمنا بعمل جليل يجلب الحزن على الطرواديين.»

وبعده صلى ديوميديس أيضا، ذلك البارع في صيحة الحرب، قائلا: «استمعي إلي الآن كذلك، يا ابنة زوس، يا من لا تنامين، اتبعيني الآن كما سبق أن تبعت أبي - توديوس العظيم - إلى طيبة، عندما أوفده الآخيون المجللون بالبرونز رسولا، فتركهم بجوار الأسوبوس، وحمل كلمة رقيقة إلى «الكادموسيين»، ولكنه ما إن سافر عائدا حتى قام بأعمال جد رهيبة،

1

بمعونتك أيتها الربة الفاتنة؛ لأنك وقفت إلى جانبه بقلب جسور. كذلك قفي الآن من تلقاء نفسك إلى جانبي واحرسيني. وفي مقابل ذلك أذبح لك عجلة بكرا، عريضة الجبين، سليمة، لم يسبق لأحد أن وضعها تحت النير. ولسوف أذبحها لك، وأحلي قرونها بالذهب!»

هكذا قالا في صلاتيهما، فأصغت إليهما الربة «أثينا » وما إن فرغا من الصلاة لابنة زوس العظيم، حتى انطلقا في طريقهما كأسدين يدلجان تحت جنح الليل البهيم، وسط المذبحة، بين الجثث، خلال الأسلحة والدم الأسود.

ناپیژندل شوی مخ