182

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

فأجاب ملك البشر أجاممنون قائلا: «سيدي الشيخ، دع عنك لومه إلى وقت آخر، وأنا الذي سأطلب ذلك منك؛ إذ إنه متقاعس دائما، لا يميل إلى العمل، لا عن استسلام للكسل، ولا عن قصر إدراك، وإنما لأنه دائم الاتكال علي، ومحتاج إلى قيادتي، ولكنه الآن قد استيقظ - قبلي - وجاءني، فأوفدته ليستدعي من ذكرتهما. والآن هلم بنا، فسنجدهما أمام الأبواب، وسط الحراس، لأنني أمرت بالاجتماع هناك.»

عندئذ رد عليه الفارس «نسطور الجيريني» بقوله: «بهذا لن يغضب منه أحد من الأرجوسيين جميعا أو يعصاه، إذا ما حث أي رجل أو أصدر الأوامر.»

وفيما كان يتكلم، أحكم وضع صديريه حول صدره، وثبت نعليه الجميلين في قدميه اللامعتين، والتف بعباءة أرجوانية مزدوجة، واسعة، ذات وبر كثيف. وأمسك في يده رمحا مكينا ينتهي طرفه بالبرونز الحاد، ثم ذهب في طريقه وسط سفن الآخيين المتدثرين بالبرونز. وسرعان ما كان أوديسيوس - نظير زوس في المشورة - أول من أيقظه الفارس «نسطور الجيريني» من النوم بصوته، إذ لم يكد النداء يتردد في أذنيه، حتى أقبل فورا من كوخه، وقال: «كيف يحدث أنك تسير هكذا وحدك بجانب السفن خلال المعسكر في الليل الخالد؟ أي حاجة ماسة ألمت بك؟»

فأجاب الفارس «نسطور الجيريني» قائلا: «لا تغضب يا ابن لايرتيس سليل زوس، أي أوديسيوس الكثير الحيل، فإن كربا عظيما قد سيطر على الآخيين. هيا، اتبعني، كي توقظ غيرك أيضا، ممن يجب أن نتشاور معهم، فيما إذا كنا نهرب أو نقاتل!»

هكذا قال، فذهب «أوديسيوس» الكثير الحيل إلى الكوخ ، ولف حول كتفيه درعا فاخرة الترصيع، ثم تبعهما. ولما وصلوا إلى ديوميديس بن توديوس، وجدوه خارج كوخه مع سلاحه، ورفاقه من حوله نائمين بدروعهم تحت رءوسهم، ولكن رماحهم كانت مغروسة في الأرض مستقيمة الأسنة؛ ولذا كان البرونز يتألق من بعيد كأنه برق من لدن الأب زوس، ولكن المحارب «ديوميديس» كان نائما على جلد ثور من ثيران الحقول، وتحت رأسه بساط لامع، فأقبل إلى جانبه الفارس نسطور الجيريني، وهزه بلمسة من عقبه ليوقظه. فلما صحا من النوم، عيره في وجهه قائلا: «استيقظ، يا ابن توديوس، لماذا تغط في سبات طوال الليل؟ ألا تعرف أن الطرواديين في أرض السهل العالية يعسكرون قريبا من السفن، على مسافة قصيرة منا؟»

جاسوسان إلى معسكر الطرواديين

وما إن قال هذا، حتى نهض الآخر بسرعة من النوم، ورد عليه بكلمات مجنحة قائلا: «يا لك من شيخ شديد المراس، لا تكل إطلاقا من التعب ولا تمل. أليس هناك أبناء آخرون من الآخيين، يصغرونك سنا، وبوسعهم أن يحثوا جميع الملوك وأن يصلوا إلى مكان خلال الجيش؟ أما أنت يا سيدي الشيخ، فقد لا يباريك رجل آخر!»

فأجابه الفارس «نسطور الجيريني» بقوله: «حقا يا صديقي إنك قد نطقت بالصواب في كل هذا، فعندي أبناء لا ضريب لهم، وهناك قوم وفيرو العدد يستطيع أي واحد منهم أن يذهب ويستدعي الآخرين، ولكن الحقيقة أنه قد ألمت بالآخيين حاجة ماسة؛ لأن الوضع الآن بالنسبة للجميع وضع قاهر، فإما خراب محزن للآخيين، وإما حياة. فاذهب الآن وأيقظ «أياس» السريع، وابن بيليوس؛ لأنك أصغر مني، إذا كنت تشفق علي.»

وإذ قال هذا، لف «ديوميدس» حول كتفيه جلد أسد متوحش وضخم، جلدا يصل إلى قدميه، وأمسك برمحه، وسار في طريقه فأيقظ ذينك المحاربين من مضجعيهما وعاد بهما. فلما انضموا إلى حشد الحراس وقد اجتمعوا معا، لم يجدوا قادة الحراس نائمين ، وإنما كانوا جميعا جالسين متيقظين ومدججين بالسلاح. وكما تتولى الكلاب حراسة الأغنام في الحظيرة، عندما تسمع صوت الوحش المفترس الكاسر، الذي يأتي خلال الغابة بين التلال ، فتعلو حوله عاصفة من ضجيج البشر والكلاب، وقد طار النوم من عيونهم، هكذا أيضا ذهب النوم اللذيذ عن جفون الحراس؛ لأنهم كانوا يلتفتون دائما صوب السهل، ليتبينوا ما إذا كان الطرواديون مقبلين. فلما أبصر بهم الشيخ، تهلل بشرا وشجعهم، مخاطبا إياهم بكلمات مجنحة فقال: «هكذا قوموا بالحراسة يا أطفالي الأعزاء، ولا تدعوا النوم يسيطر على أي رجل منكم، لئلا نكون مبعث غبطة أعدائنا.»

وبينما كان يقول ذلك، أسرع عبر الخندق. وهناك تبعه ملوك الأرجوسيين، كل أولئك الذين استدعوا للمجلس. وذهب معهم «الميريونيس»، وابن نسطور المجيد، إذ دعوهم للاشتراك في المشاورة. وهكذا تسللوا وخرجوا من الخندق المحفور، وجلسوا في مكان فسيح كانت الأرض فيه خالية من الموتى الذين سقطوا في المكان الذي عاد منه «هكتور» القوي بعد أن أعمل التقتيل في الأرجوسيين، عندما خيم عليهم الظلام، وهناك استووا جالسين يتحدث بعضهم إلى بعض، وفي وسطهم قام أولا نسطور وخاطبهم بقوله: «أي أصدقائي، ألا يوجد بينكم رجل يستطيع أن يضحي بروحه المغامرة، فيذهب وسط الطرواديين العظيمي الهمة، ويقتل أي محارب من الأعداء، أو يسمع أية شائعة بين الطرواديين أو أية خطة يرسمونها فيما بينهم، فيعرف إن كانوا سيبقون في مكانهم - بجانب السفن بعيدا - أم سيقهقرون ثانية إلى المدينة، بعد أن هزموا الآخيين؟ كل هذا بوسعه أن يعرفه، ثم يعود إلينا سالما. وإذ ذاك يطير صيته تحت السماء بين سائر البشر، ويمنح جائزة طيبة؛ إذ إن كل الأمراء ذوي السلطة فوق السفن، كل واحد من هؤلاء جميعا سيهبه نعجة سوداء وحملا في دور الرضاع - وما من مكافأة تقارن بهذه - كما أنه سيكون حاضرا معنا دائما في الولائم وموائد الشراب.»

ناپیژندل شوی مخ