وكان أبو السرايا يقوم بقتال القوم في أيام علته، فدبر أمر الحرب على غير الوجه الذي كان يسيره ويسن فيه، فإنه عليه السلام كان ينهى عن القتال إلا بعد تقديم الدعوة، فبيت أبو السرايا العساكر الواردة ثانيا وأوقع بهم وهم على غرة وقتل منهم مقتلة عظيمة، واستباح أموالهم وضرب عبدوس ضربة فلق بها هامته، ورجع إلى الكوفة غانما، ودخل إلى محمد بن إبراهيم عليه السلام وقد اشتدت به العلة، فوبخه عليه السلام على تبييته العسكر، وقال له: أنا أبرأ إلى الله مما فعلت، فما كان لك أن تبيتهم وتقاتلهم حتى تدعوهم، وما كان لك أن تأخذ من عسكرهم إلا ما جلبوا به علينا من السلاح، فقال أبو السرايا: يا بن رسول الله تدبير الحرب أوجب هذا ولست أعاود مثله.
وتبين أبو السرايا في وجهه الموت، فقال: يا بن رسول الله كل حي ميت وكل جديد بال، فاعهد إلي. فقال: " أوصيك بتقوى الله والمقام على الذب عن ديننا ونصر أهل بيت نبيك صلى الله عليه وعلى آله ".
وقال له: " لو كان أخي القاسم حاضرا لعهدت إليه "، ثم أشار إلى علي بن عبيد الله وقال: قد بلوت طريقته ورضيت به. واعتقل لسانه.
وقضى عليه السلام يوم السبت لليلة دخلت من رجب فدفن في الكوفة.
وحدثني أبو العباس الحسني رحمه الله عن أبي زيد عيسى بن محمد العلوي رحمه الله أنه قال: مشهده عندنا بالكوفة.
ولم يقم علي بن عبيد الله بالأمر، فبايعوا: محمد بن محمد بن زيد بن علي، وكان حدثا إلا أنه كان شهما شجاعا ولم يكن له من العلم القدر الذي يحتاج إليه.
وبقي على الأمر إلى أن قتل أبو السرايا، وأخذ محمد وحمل إلى المأمون بخراسان، فيقال: إنه دس إليه شربة فمات منها.
مخ ۸۶