اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پوهندوی
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
فَمِثَالُ الْأَوَّلِ: أَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ وَرَدَ طَلَبُهَا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ، وَلَا يَرْفَعُهَا عُذْرٌ إِلَّا الْعُذْرُ الرَّافِعُ لِلْخِطَابِ رَأْسًا، وَهُوَ زَوَالُ الْعَقْلِ، فَلَوْ بَلَغَ الْمُكَلَّفُ فِي مَرَاتِبِ الْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ إِلَى أَيِّ رُتْبَةٍ بَلَغَ؛ بَقِيَ التَّكْلِيفُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ إِلَى الْمَوْتِ.
وَلَا رُتْبَةَ لِأَحَدٍ يَبْلُغُهَا فِي الدِّينِ كَرُتْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ رُتْبَةِ أَصْحَابِهِ الْبَرَرَةِ، وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ مِنَ التَّكْلِيفِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ؛ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآحَادِ؛ كَالزَّمِنِ؛ لَا يُطَالَبُ بِالْجِهَادِ، وَالْمُقْعَدِ؛ لَا يُطَالَبُ بِالصَّلَاةِ بِالْقِيَامِ، وَالْحَائِضِ؛ لَا تُطَالَبُ بِالصَّلَاةِ الْمُخَاطَبِ بِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا. . . . وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَمَنْ رَأَى أَنَّ التَّكْلِيفَ قَدْ يَرْفَعُهُ الْبُلُوغُ إِلَى مَرْتَبَةٍ مَا مِنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ - كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ ـ؛ كَانَ قَوْلُهُ بِدَعَةً مُخْرِجَةً عَنِ الدِّينِ.
وَمِنْهُ دَعَاوَى أَهْلِ الْبِدَعِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ؛ مُنَاقَضَتُهَا لِلْقُرْآنِ، أَوْ مُنَاقِضَةُ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَفَسَادُ مَعَانِيهَا، أَوْ مُخَالَفَتُهَا لِلْعُقُولِ؛ كَمَا حَكَمُوا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ﷺ لِلْمُتَحَاكِمَيْنِ إِلَيْهِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: مِئَةُ الشَّاةِ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذِهِ الرَّجْمُ، وَاغَدُ يَا أَنِيسُ عَلَى امْرَأَةٍ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ؛ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا».
قَالُوا: هَذَا مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى بِالرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ، وَلَيْسَ لِلرَّجْمِ وَلَا لِلتَّغْرِيبِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذَكَرَ، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ بَاطِلًا؛ فَهُوَ مَا
1 / 313