اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پوهندوی
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
مِنْهَا، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا لَيْسَ بِمَذْمُومٍ، بَلْ أَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ مَمْدُوحٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَالْجَوَابُ:
- أَنْ نَقُولَ أَوَّلًا: كُلُّ مَا عَمِلَ بِهِ الْمُتَصَوِّفَةُ الْمُعْتَبَرُونَ فِي هَذَا الشَّأْنِ لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا ثَبَتَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا:
فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ؛ فَهُمْ خُلَقَاءُ بِهِ؛ كَمَا أَنَّ السَّلَفَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ خُلَقَاءُ بِذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ؛ فَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ حُجَّةٌ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَلَيْسَ عَمَلُ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ حُجَّةً عَلَى السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ مَعْصُومَةٌ عَنِ الْخَطَأِ وَصَاحِبَهَا مَعْصُومٌ، وَسَائِرُ الْأُمَّةِ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ عِصْمَةٌ؛ إِلَّا مَعَ إِجْمَاعِهِمْ خَاصَّةً، وَإِذَا اجْتَمَعُوا؛ تَضَمَّنَ اجْتِمَاعُهُمْ دَلِيلًا شَرْعَيًّا كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
فَالصُّوفِيَّةُ كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْعِصْمَةُ، فَيَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْمَعْصِيَةُ كَبِيرَتُهَا وَصَغِيرَتُهَا، فَأَعْمَالُهُمْ لَا تَعْدُو الْأَمْرَيْنِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: كُلُّ كَلَامٍ مِنْهُ مَأْخُوذٌ أَوْ مَتْرُوكٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَدْ قَرَّرَ ذَلِكَ الْقُشَيْرِيُّ أَحْسَنَ تَقْرِيرٍ، فَقَالَ: " فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَكُونُ الْوَلِيُّ مَعْصُومًا (حَتَّى لَا يُصِرَّ عَلَى الذُّنُوبِ)؟ قِيلَ: أَمَّا وُجُوبًا كَمَا يُقَالُ فِي الْأَنْبِيَاءِ؛ فَلَا، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا حَتَّى لَا يُصِرَّ عَلَى الذُّنُوبِ - وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْهُمْ آفَاتٌ أَوْ زَلَاتٌ -؛ فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي وَصْفِهِمْ ".
1 / 276