257

اعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

پوهندوی

سليم بن عيد الهلالي

خپرندوی

دار ابن عفان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

السعودية

بِالتَّدْرِيجِ؛ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنْ يُدِيمَ الْجُوعَ وَالصِّيَامَ، وَأَنْ يَتْرَكَ التَّزْوِيجَ مَا دَامَ فِي سُلُوكِهِ بَعْدُ.
وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ مُشْكِلَاتِ التَّشْرِيعِ، بَلْ هُوَ شَبِيهٌ بِالتَّبَتُّلِ الَّذِي رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ، حَتَّى قَالَ: " «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ".
وَإِذَا تَأَمَّلَ [الْمَرْءُ] مَا ذَكَرُوهُ فِي شَأْنِ التَّدْرِيجِ فِي تَرْكِ الْغِذَاءِ؛ وَجَدَهُ غَيْرَ مَعْهُودٍ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَالْقَرْنِ الْأَفْضَلِ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءُ أَلْزَمُوهَا الْمُرِيدَ حَالَةَ السَّمَاعِ؛ مِنْ طَرْحِ الْخَرْقِ، وَأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُرِيدِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ خَرَجَ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ؛ إِلَّا أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ، فَلْيَأْخُذْهُ عَلَى نِيَّةِ الْعَارِيَّةِ بِقَلْبِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحِشَ قَلْبَ الشَّيْخِ. . . إِلَى أَشْيَاءَ اخْتَرَعُوهَا فِي ذَلِكَ، لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ مِنْ نَتَائِجِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ الَّذِي اعْتَمَدُوهُ.
وَالسَّمَاعُ فِي طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ لَيْسَ مِنْهَا؛ لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالتَّبَعِ، وَلَا اسْتَعْمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ مِمَّنْ يُشَارُ إِلَيْهِ حَاذِيًا فِي طَرِيقِ الْخَيْرِ، وَإِنَّمَا رَأَيْتُهُ مَأْخُوذًا بِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ الْآخِذَةِ لِلتَّكْلِيفِ الشَّرْعِيِّ بِالتَّبَعِ.
وَلَوْ تُتُبِّعَ هَذَا الْبَابُ؛ لَكَثُرَتْ مَسَائِلُهُ وَانْتَشَرَتْ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهَا اسْتِحْسَانَاتٌ اتُّخِذَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَالْقَوْمُ - كَمَا تَرَى - مُسْتَمْسِكُونَ بِالشَّرْعِ، فَلَوْلَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَاحِقٌ بِالْمَشْرُوعَاتِ؛ لَكَانُوا أَبْعَدَ النَّاسِ

1 / 275