212

* أبو سعيد الداراني: دخلت على عابد قد احتضر وهو يبكي. فقلنا: يرحمك الله. ما يبكيك؟ فأنشأ يقول:

وحق لمثلي البكا عند موته .... ومالي لا أبكي وموتي قد اقترب

ولي عمل في اللوح أحصاه خالقي .... فإن لم يجد بالصفح صرت إلى العطب

* قال حزم: حضرنا مالك في مرضه الذي مات فيه وهو يجود بنفسه فرمى بطرفه في السماء، قال: اللهم، إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء لبطن ولا لفرج.

* لبعضهم: أسوأ الناس حالا القائل عند موته دخلتها جاهلا، وأقمت فيها جائرا، وخرجت منها كارها.

* مصنفه: انظر رحمك الله هل تمثل بمصيبة الموت مصيبة؟ انتقال من عمران إلى خراب، ومن فرحة إلى ترحة، ومن دار تزود إلى دار تلبد، ومن إحسان إلى حرمان، ومن نعماء إلى بأساء، ومن لذات إلى تنغيصات، ومن عز إلى ذل، ومن سعة إلى ضيق، ومن ضياء إلى ظلم، ومن اختيار إلى اضطرار، ومن بلاء إلى بلاء، ومن رخاء إلى شدة، ومن نعمة إلى نقمة، ومن ألفة إلى وحشة، ومن خلطة إلى وحدة، ومن رجاء إلى إكدا، ومن أمل إلى يأس، ومن روح إلى بأس، ومن استدراك إلى استهلاك، ومن مضجع يهناك إلى مضجع لا يهناك، ولا يقودك إلا عملك، ولا يفتديك إلا سلفك، تبلى وهو معك جديد لا يبلى، وتفنى وهو معك حي لا يفنى، يدفن معك، ويحشر معك، إن كان حسنة بالإحسان، وإن كان سيئة فبالخسران، مرهون بذنوبه وحباله وجرائره مشتبكة به فلا ترجو النجاة، ولا ترد المهواة ببدنه مقترب وعنا مغترب فإن نجا عند لقاءه وإلا فإني لا أخالك ناجيا.

* وبلغني أن صلة بن أشيم قد كان خرج إلى جنازة بعضهم، فإذا به قد دفن وبسطت على قبره ملاءة وحواليه عدد كالجيش وغيره فكشفها، وقال: يا فلان،

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيا.

فبكى الجميع.

مخ ۲۴۴