* الأصبغ بن نباته، قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام، فجاء إليه رجل فشكى إليه الدنيا. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار غناء لمن تزود منها، ودار عافية لمن فهم عنها، مسجد أحباء الله، ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه، كسبوا فيها الجنة، وربحوا فيها الرحمة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ونادت بانقطاعها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها البلاء، وشوقت بسرورها إلى السرور، راحت بفجيعة، وابتكرت بعافية، تحذيرا وترغيبا وتخويفا، فذمها رجال غداة الندامة، وحمدها آخرون، ذكرتهم فذكروا، وحدثتهم فصدقوا، فيا أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها، متى استدنت إليك الدنيا؟ متى غرتك؟ أبمنازل آبائك من الثرى؟ أم بمصارع أمهاتك من البلى؟ كم مرضت بكفيك؟ وكم عللت بيديك؟ تبتغي لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، لم تنفعه بشفاعتك، ولم تستعف له بطلبك، مثلت لك به الدنيا نفسك، وبمصرعه مصرعك، غداة لا يغني بكاؤك، ولا ينفع أحباؤك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن دريد، حدثنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف، حدثنا أحمد بن عبد الله القرشي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن حسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، في هذه الرواية: ثم التفت إلى الحسن بن علي عليه السلام فقال: إن الناس يذمون الدنيا، وهي راحلتهم إلى الآخرة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن دريد، حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، قال: قال رجل لأمير المؤمنين علي عليه السلام: صف لنا الدنيا؟ فقال: ما أصف لك من دار من صح فيها أمن، ومن سقم ندم، ومن أفتقر حزن، ومن أستغنى فتن، حلالها حساب، وحرامها عذاب.
* وعن بعضهم: الدنيا جمة المصائب، رنقة المشارب، لا تمتع صاحبا بصاحب.
مخ ۵۰