أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، أخبرنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي، عن عمه، قال: حججت، ونزلت صربة في يوم الجمعة، وإذا أعرابي قد كور عمامته، ونكب قوسه، فصعد المنبر، وأثنى على الله، ثم قال: أيها الناس إنما الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، فإنه لن يستقبل أحد يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله، وإن أمس موعظة، واليوم غنيمة، وغدا لا ندري من أهله، فاستصلحوا ما تقدمون عليه، وراقبوا ما ترجعون إليه، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها خلقتم وإلى غيرها ندبتم، وأنه لا قوي أقوى من الخالق، ولا ضعيف أضعف من المخلوق، فلا مهرب من الله إلا إليه، وكيف يهرب من يتقلب في يد طالبه؟ و?كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور?[آل عمران:185] .
* وروي أن هارون بن محمد الملقب بالرشيد لما فتح أنقرة، وجد على بابها حجرا منصوبا عظيما، عليه كتاب باليونانية ترجمته: يا ابن آدم غافص الفرصة عند إمكانها، وكل الأمور إلى وليها، ولا يحملك إفراط السرور على مأثم، ولا تحملن على نفسك هم يوم لم يأتك، إن يكن من أجلك يأتك الله فيه برزقك، لا تكن أسوة المغرورين في جمع المال فكم رأينا من جامع لبعل حليلته، و(من) تقتير المرء على نفسه توفيره لخزانة غيره، ينبغي لحكماء اليونانية أن ينظروا في هذا الكتاب كل صباح.
* لمصنفه:
أعاذل فارفضن سبل الملام
غرامي القصد من همم الغرام
لمحت رواغب الأيام طرا
فما هي غير أحلام المنام
زممت مطامعي عنها لعلمي بأن زمامها يرخي زمامي
مخ ۴۸