مجمرها فى ثياب الكعبة فأحرقت أكثر أخشابها ، ودخل سيل عظيم وصدع جدرانها بعد توهينها ، فأرادوا أن يشيدوا بنيانها ويرفعوا بابها حتى لا يدخلها أحد إلا من قريش ، وإذا كان البحر قد رمى سفينة إلى ساحل جده لتاجر رومى اسمه «باقوم» بموحدة وقاف مضمومة ، وكان تجارا بناء ، فخرج الوليد ابن المغيرة فى نفر من قريش إلى جدة ، فابتاعوا منه خشب السفينة وكلموا باقوم الرومى أن يقدم معهم إلى مكة ، فقدموا إليها ، وأخذوا أخشاب السفينة ، وأعدوها لسقف الكعبة.
قال الأموى : «كانت هذه السفينة لقيصر ملك الروم ، يحمل فيها الخشب والرخام والحديد مع باقوم إلى السفينة التى أحرقها الذين بالحبشة ، فلما بلغت قريب مرسى جدة ، بعث الله عليها ريحا فحطمها». انتهى.
قلت : لا يعرف طريق بين بحر الروم والحبشة ، يمر فيها على جده إلا أن يكون ملك الروم طلب ذلك من ملك يهجزها له من بندر السويس أو الطور أو نحو ذلك.
قال ابن إسحاق : «وكان بمكة قبطى يعرف نجر الخشب وتسويته ، فوافقهم أن يعمل لهم سقف الكعبة ، ويساعده باقوم ، قال : وكانت حية عظيمة تخرج من بئر الكعبة التى يطرح فيها ما يهدى إلى الكعبة تشرف على جدار الكعبة ، لا يدنو منها أحد إلا كشت وفتحت فاها ، وكانوا يهابونها ويزعمون أنها تحفظ الكعبة وهداياها ، وأن رأسها كرأس الجدى ، وظهرها وبطنها أسود ، وأنها أقامت فيها خمسمائة سنة».
وقال ابن عتبة : «فبعث الله تعالى طائرا فاختطفها ، وذهب بها ، قالت قريش : نرجوا أن يكون الله تعالى رضى لنا بما أردنا فعله ؛ فأجمع رأيهم على هدمها وبنائها».
قال ابن هشام : «فتقدم عائد بن عمران بن مخزوم ، وهو خال أبى النبى صلى الله عليه وسلم ، فتناول حجرا من الكعبة ، فوثب من يده حتى رجع إلى مكانه ،
مخ ۸۳