بنى البيت الشريف ، وجزم الإمام الماوردى فى الأحكام السلطانية (1)، فإنه قال فيها : «أول من حدد بناء الكعبة الشريفة من قريش بعد إبراهيم عليه السلام قصى بن كلاب ، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل». انتهى.
قال السيد التقى الفاسى فى «شفاء الغرام» ، وما رواه القاضى الزبير بن بكار : «أن قصيا بنى الكعبة على خمسة وعشرين ذراعا ، ففيه نظر لما استشهر فى الأحكام أن إبراهيم الخليل عليه السلام بنى طول الكعبة تسعة أذرع ، وأن قريش لما بنت الكعبة زادت فى طولها تسعة أذرع ، وأن قصيا أراد أن يجعل عرضها خمسة وعشرين ذراعا».
فالمعروف أن عرضها من الجهة الشامية ، واليمانية ، فعرضها فى هاتيني الجهتين ينقص عن خمسة وعشرين ذراعا ، ثلاثة أذرع أو أزيد.
وكل من بنى الكعبة بعد إبراهيم عليه السلام لم يبنها إلا على قواعد إبراهيم ، غير أن قريشا اقتصرت من أرضها من جهة الحجر الشريف لأمر اقتضاه الحال ، وصنع ذلك الحجاج بعد عبد الله بن الزبير (رضى الله تعالى عنه) عنادا له والله أعلم.
وكان مبدؤ أمر قصى أن أباه كلاب بن مرة تزوج فاطمة بنت سعد بن سهل ؛ فولدت له زهره وقصيا ؛ فهلك كلاب وقصى صغير ، وهو بضم القاف وفتح الصاد المهملة تصغير قصى بفتح القاف وكسر الصاد ، بمعنى بعيد ، واسمه زيد.
وإنما لقب قصيا لأنه بعد من أهله ووطنه مع أمه ، لما توفى أبوه تزوجت ربيعة بن حزام ، فدخل بها إلى الشام ، فولدت له رزاحا ، فلما كبر قصى وقع بينه وبين آل ربيعة شر ؛ فعيروه بالغربة ، وقالوا له : ألا تلحق بقومك.
مخ ۷۷