ابراهیم ابو الانبیا
إبراهيم أبو الأنبياء
ژانرونه
إلا أن المنقبين الذين عينوا زمنا للهكسوس حوالي سنة 1750 لم يعرفوا من هم هؤلاء الهكسوس على وجه التحقيق، ولكنهم استخلصوا من «خط السير» الذي اتبعوه بعد خروجهم من مصر منهزمين، أنهم عادوا إلى مواطنهم في شمال سوريا، وأنهم على الأرجح مزيج قديم من الآراميين والحيثيين، ولم يطل مقامهم بمصر أكثر من قرن ونصف قرن، ثم تعقبهم المصريون ودمروا المدن التي تواطأت معهم على غزو الديار المصرية، ومنها أريحا. وقد وجد المنقبون فيها بين الفصوص الكثيرة فص خاتم باسم خاميس أو أحمس قاهر الهكسوس.
إلى هذا التاريخ لم يكن للعبريين الذين يسمون أنفسهم بأبناء إسرائيل أي أثر بين القبائل التي في طريق مصر، ولم يذكر لهم اسم في أثر من الآثار التاريخية قبل سنة 1220 قبل الميلاد.
في هذا الأثر يروي الفرعون مرنفتاح خبر حملته التأديبية على عسقلان وجزير ويوانام وإسرائيل، ويقول: إنه محا إسرائيل فلم تبق منها باقية، ويؤيد خبره هذا أن النصب الذي أقيم بعد ذلك مسجلا لانتصار رمسيس الثالث على العموريين والفلسطينيين والحيثيين سنة 190 قبل الميلاد، لم يرد فيه ذكر لإسرائيل.
وعصر إبراهيم قبل هذه الفترة على التحقيق، فمن القرن الثاني عشر إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد لم يكن لإبراهيم وذريته مقام في غير الجنوب عند جيرار أو وراءها جنوبا، ولم يكن لإبراهيم مقام في حبرون، ولهذا يرجح الدكتور «كامبيل» أن إبراهيم لم يدفن في مغارة مكفيل بحبرون على مقربة من أورشليم، ولكن الذين انتسبوا إليه تعلقوا بذكرى هذا المدفن لتسويغ دعواهم في مملكتهم، ولا بد هنا من إبراهيمين أحدهما جاء بعد الآخر بزمن طويل. •••
ويذهب الدكتور كامبيل بعيدا جدا في هذا الفرض، فيشير إلى ورود اسم إبراما في الآثار البابلية، وقد ورد في خلال قصة زراعية حيث قيل : إن إبراما استأجر ثورا للزرع من أحد الفلاحين، ولا شأن لإبراما هذا بسيرة الخليل، ولكن الدكتور كامبيل يسرد أسماء أخرى في الأحافير قريبة من هذا الاشتقاق، ومنها «أبرمراما»، وهو على رأي الدكتور قد يكون أمرمرابي الذين هو أمورابي بعينه، وهو لا شك جد من جدود العموريين الذين ملكوا بابل، وكانت منهم شعبة تملك بيت المقدس وحبرون بجوارها، فلما امتزج العموريون والعبريون، واشتركوا في العبادة وفي السيادة، صعد العبريون بنسبهم إلى جد مدفون في حبرون يسمى إبرام، وذكروا أن قبره مشترى بالمال من ملوك الأرض
5
الأصلاء، فليس في دفنه ثمة عدوان ولا ادعاء.
وقصة الإبراهيمين قد لجأ إليها كاتب منقب لا يغلو في فروضه على هذا المثال، وهو السير ليونار صاحب كتاب إبراهام والكشوف الأخيرة، فقد رجح أن إبراهام غير إبرام، وقال: إن تسمية الحفيد باسم الجد كانت مألوفة جدا في البلاد البابلية، كما يظهر من مقابلة أسماء الملوك من أسرة واحدة، فإذا كان لإبراهيم جد باسم إبرام، كما جاء في كثير من الروايات، فالأقرب إلى المألوف أن المتأخرين بعد عصره جمعوا بين أخبار الاثنين، ووصلوا عمر أحدهما بعمر الآخر فبلغوا بهما مائة وخمسا وسبعين سنة.
وغير بعيد أن يكون العبريون المتأخرون قد تكلموا عن إبراهيمين لا عن إبراهيم واحد، فهذا التاريخ الغامض قد زاده اختلاطا على اختلاط دعوى الطائفة العبرية، التي تنتسب إلى إبراهيم، أنها ذريته التي ترثه في الأرض والسماء، وأنها ورثت أرض فلسطين من أيام إبراهيم، مع أنهم كانوا إلى أيام موسى يشترون المرعى والمورد فيها بالفضة، ولم يستطيعوا أن يدخلوا فلسطين إلا بعد ضعف العموريين والحيثيين والهكسوس.
ومن حقائق التاريخ المطردة أن الملك هو بلاء القبائل الرحل، فلما ملك الحيثيون والهكسوس ضاعوا واندحروا، ولما هجم العموريون على بابل فملكوها ضاعوا واندحروا في بابل وفي بيت المقدس، ولما دخل العبريون أنفسهم بيت المقدس وملكوا فيها ضاعوا واندحروا، وحاق
ناپیژندل شوی مخ