وبعد أن ذكر ابن تيمية عقوبة المحاربين وقطاع الطريق، وحد السرقة والزنا وشرب الخمر والقذف، وغير ذلك من المعاصي التي ليس فيها حد مقدر،
20
شرع في الكلام على هذا القسم الثاني من الحدود والحقوق وهي التي تكون لإنسان معين.
وقد تناول في هذا القسم أحكام الاعتداء على النفوس بالقتل، وعلى الأعضاء والجسم بالجراح، وعلى الأعراض وغير هذا كله مما فيه تعد على شخص بعينه.
21
ونحن لا نرى ضرورة للتعرض لذلك كله، فإن الأمر هنا أكثر شبها بالفقه العام منه بأحكام السياسة الشرعية بصفة خاصة، ولكن نرى من الخير أن نشير إلى أنه تناول حد القذف في كلا القسمين من الحدود والحقوق ؛ وذلك لأنه حق الله وحق الآدمي معا.
وهو يقول بصدده: «وهذا الحد يستحقه المقذوف فلا يستوفى إلا بطلبه باتفاق الفقهاء، فإن عفا عنه سقط عند الجمهور لأن المغلب فيه حق الآدمي كالقصاص والأموال، وقيل لا يسقط تغليبا لحق الله؛ لعدم المماثلة (أي بينه وبين القصاص والأموال)، كسائر الحدود»، إلى آخر ما قال.
22 •••
هذا، وإذا كان من الواجب إقامة دولة واتخاذ أمير أعلى لها كما عرفنا فيما تقدم، فإن للحقوق التي من هذا القسم الثاني والأخير حق المشاورة، فإن ولي الأمر لا يستغني عنها، وأمر الله نبيه بها بقوله تعالى:
وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله .
ناپیژندل شوی مخ