عرفنا من قبل، ونحن نتكلم عن منهج الشيخ رحمه الله في التفسير أنه لم ير ضرورة لأن يفسر كتاب الله كله؛ لأنه رأى أن منه ما هو بين بنفسه، ومنه ما بينه المفسرون في كتب كثيرة، ولكن فيه آيات أشكل تفسيرها على العلماء؛ ولذلك نراه يقول: «فقصدت تفسير تلك الآيات بالدليل لأنه أهم من غيره، وإذا تبين معنى آية تبين معاني نظرائها.»
ولم يصل إلينا كل ما كتبه في التفسير، ولكن لدينا منه تفسير سورة النور، ثم تفسير بعض قصار المفصل، وقد تكلم في تفسيرها بإفاضة، وجاء في أثنائها بآيات كثيرة من غيرها وفسرها، كما تعرض فيها أيضا لكثير من المسائل والعقائد الدينية بأوفى بيان كما هو شأنه دائما؛ ولذلك جعلنا مرجعنا في الكلام عن تفسيره تفسير تلك السور ففيها الكفاية.
الفصل الأول
سورة الأعلى
ونبدأ بالكلام على تفسيره لسورة «الأعلى»، فنراه يقول: «إن الأعلى على وزن أفعل التفضيل، مثل الأكرم والأكبر والأجل؛ ولهذا لما قال أبو سفيان: «اعل هبل! اعل هبل!» قال النبي
صلى الله عليه وسلم : «ألا تجيبونه؟» قالوا: «وما نقول؟» قال: «قولوا: الله أعلى وأجل».»
ثم يأخذ في بيان ما بين العلو والكبرياء والعظمة من فروق، فيقول: «إن هذه الصفات وإن كانت متقاربة، بل متلازمة، فبينها فروق لطيفة؛ ولهذا قال النبي
صلى الله عليه وسلم ، فيما يروي عن ربه تعالى: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا عذبته»، فجعل الكبرياء بمنزلة الرداء، وهو أعلى من الإزار.
ولهذا كان شعائر الصلاة، والأذان، والأعياد، والأماكن العالية، هو التكبير، وهو أحد الكلمات التي هي أفضل الكلام بعد القرآن، وهذه الكلمات هي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي
صلى الله عليه وسلم ».
ناپیژندل شوی مخ