132

41

والله أعلم.

المصالح المرسلة

عني ابن القيم بفقه الإمام أحمد بن حنبل وأصوله، فعليه تخرج وصار إماما من أئمة الفقه الإسلامي، ولكن نراه حين تكلم عن أصوله الفقهية لا يذكر فيها «المصالح المرسلة».

42

وعندما تناول شيخه ابن تيمية، في إحدى رسائله، بيان أصول الفقه التي يرجع إليها استنباط الأحكام التشريعية، نراه يذكر المصالح المرسلة من بينها، ولكنه يقف موقف المتشكك فيها، والمتردد في قبولها، كما سنعرف ذلك بعد حين.

نرى هذا وذاك من الشيخ وتلميذه، وهو أمر قد يثير الدهشة والعجب في بادئ الأمر؛ وذلك بأنه من المعروف أن هذا أصل من أصول الفقه عند الحنابلة، وقد استند إليه الإمام أحمد رضي الله عنه، وكذلك ابن تيمية وابن القيم، في كثير من الأحكام التي قالوا بها كما يتضح من تراثهم الفقهي الكبير.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نرى الإمام أحمد نفسه فقيها سلفيا يتبع نصوص الكتاب والحديث فإذا ظفر بنص في المسألة أفتى بموجبه دون التفات إلى ما خالفه أو من خالفه ولو كان من كبار الصحابة؛ ولهذا لم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية من الصحابة بتوريث المسلم من غير المسلم، عندما صح عنده حديث الرسول المانع من التوارث بينهما لاختلاف الدين.

ثم هو يأخذ، عند عدم النص، بفتاوى الصحابة وآرائهم ويختار عند تعددها في المسألة الواحدة أقربها من كتاب الله وسنة رسوله، فهو على كل حال لا يخرج عن رأي من هذه الآراء، حتى إنه - كما يذكر ابن القيم نفسه - كان يتوقف أحيانا عن الفتوى إن لم يجد مرجحا يرضاه لأحد تلك الآراء، كما كان لا يلجأ إلى استعمال القياس إلا للضرورة.

فإذا صح هذا، وهو صحيح، يكون من البدهي أنه كان يأخذ بأصل المصالح المرسلة كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في كثير من أحكامهم وآرائهم الفقهية، ونذكر فيها بعض المثل التي تبين ذلك أجلى بيان، وقد تناولناها في كتاب ظهر لنا منذ بضع سنوات،

ناپیژندل شوی مخ