السلم:
من شروط صحة العقد عند جمهور الفقهاء أن يكون موضوعه (أي المعقود عليه) موجودا حين العقد، فالمعدوم لا يصح إذن أن يكون محلا للتعاقد؛ لأنه من غير المعقول أن يتعلق حكم العقد وآثاره بشيء معدوم لا يقدر على تسليمه إلا بعد إتمام التعاقد، وحينئذ قد يثور النزاع والخصومة بين المتعاقدين، على حين أن العقود يجب أن تقوم على التراضي من الجانبين.
وترتب على هذا الشرط أو القاعدة، أنهم اضطروا للقول بأن عقود السلم والإجارة والمضاربة والاستصناع ونحوها مستثناة من هذه القاعدة العامة، وأنها تجوز شرعا استحسانا لا قياسا، للحاجة إليها.
ومن المعلوم أن السلم عقد على شيء معدوم، فإنه بيع شيء آجل بثمن عاجل، ومع هذا لا خلاف بين الفقهاء في جوازه شرعا، لما رواه الشيخان عن طريق ابن عباس الذي قال: قدم النبي
صلى الله عليه وسلم
المدينة، وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال: «من أسلف
23
في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.»
ولكن ابن تيمية ينكر ما ذهب إليه أولئك الفقهاء من اشتراط أن يكون موضوع العقد موجودا غير معدوم، ومن ثم ينكر أن يكون جواز عقد السلم والإجارة ونحوهما ثبت على خلاف القياس، وهو في ذلك يقول: «لا تسلم صحة هذه المقدمة (أي القاعدة أو الشرط المذكور)، فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، بل ولا عن أحد من الصحابة، أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام ولا بمعنى عام.
وإنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما في النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، وليست العلة في النهي لا الوجود ولا العدم، بل الذي ثبت في الصحيح عن النبي
ناپیژندل شوی مخ