120

وذلك بأنهم قالوا كما يحكي عنهم ابن تيمية نفسه: إنما ينظر إلى شروط القياس، فما علمت علته ألحقنا به ما شاركه في العلة، سواء قيل إنه على خلاف القياس أو لم يقل ... أما إذا لم يقم دليل على أن الفرع كالأصل فهذا لا يجوز فيه القياس، سواء قيل إنه على وفق القياس أو خلافه؛ ولهذا كان الصحيح أن العرايا يلحق بها (أي قياسا) ما كان في معناها.

وحقيقة الأمر أنه لم يشرع شيء على خلاف القياس الصحيح، بل ما قيل إنه على خلاف القياس لا بد من اتصافه بوصف امتاز به عن الأمور التي خالفها واقتضى مفارقته لها في الحكم، وإذا كان كذلك، فذلك الوصف إن شاركه غيره فيه فحكمه كحكمه ، وإلا كان من الأمور المفارقة له.

وأما المتنازع فيه فمثل ما يأتي حديث بخلاف أمر (أي مخالف للقياس)، فيقول القائلون هذا بخلاف القياس أو بخلاف قياس الأصول، وهذا له أمثلة من أشهرها المصراة، فإن النبي

صلى الله عليه وسلم

قال: «لا تصروا الإبل ولا الغنم، فمن ابتاع مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها؛ إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر»، وهو حديث صحيح،

22

فقال قائلون هذا يخالف قياس الأصول من وجوه: منها أنه رد للمبيع بلا عيب ولا خلف في صفة، ومنها أن الخراج بالضمان فاللبن الذي يحدث عند المشتري غير مضمون عليه وهنا قد ضمنه، ومنها أن اللبن من ذوات الأمثال فهو مضمون بمثله، ومنها أن ما لا مثل له يضمن بالقيمة من النقد، وهنا ضمنه بالتمر ...

فقال المتبعون للحديث بل ما ذكرتموه خطأ، والحديث موافق للأصول (فهو لهذا يكون موافقا للقياس الصحيح)، ولو خالفها لكان هو أصلا كما أن غيره أصل، فلا نضرب الأصول بعضها ببعض، بل يجب اتباعها كلها، فإنها كلها من عند الله.

ثم أخذ الشيخ رحمه الله تعالى بعد ذلك يبين بالدليل أن كل ما ذكره أولئك الفقهاء، من مخالفة هذا الحكم الذي ثبت بحديث الرسول للقياس، ليس صحيحا في شيء منه، وأن هذا الحكم لا يخالف القياس بل يوافقه تماما، وقد نعرض لهذا الرد بالتفصيل بعد حين.

هذا، ونأخذ الآن في الكلام عن بعض العقود التي يرى شيخ الإسلام بحق أنها جاءت على وفق القياس، لا مخالفة له كما قال جمهور الفقهاء الآخرين، وقد اخترنا أن نمثل لذلك بهذه العقود: السلم، الإجارة، المضاربة، ثم مسألة المصراة:

ناپیژندل شوی مخ