ثم اخرجت جميع كتبه من عنده، فراى في ذلك انتصارا له لانه كان سببا في نشرها واطلاع الناس عليها بعد ان كانت حبيسه معه.
بقى بعد ذلك اياما، مرض بعدها مرضا شديدا امتد معه عشرين يوما فتوفى على اثره ليله الاثنين، عشرين من ذى القعده، سنه ثمان وعشرين وسبعمئه للهجره، وهذا التاريخ يوافق 26 - 27 من الشهر التاسع من سنه 1328 للميلاد.
وشهد جنازته خلق كثير، قدر بمئتى الف رجل وخمسه عشر الف امراه، وازدحم محبوه على النعش يلقون عليه مناديلهم وعمائمهم للتبرك به، وقيل: ان منهم من مزق شيئا من كفنه، واخذوا ماء غسله، كل ذلك للتبرك به..
فسبحان الله! اولئك هم الذين احتفوا حوله في محاربه الصوفيه على ما هو ادنى من هذا من التبرك بقبور الموتى وآثارهم صاروا اليوم يفعلون ما لم يفعله الصوفيه مع مشايخهم!.
ومن عجائب الايام ايضا ان يصير مدفنه في مقابر الصوفيه، خصومه مدى حياته وخصومه بعد موته ايضا!.
ومن غريب ما ذكره صاحب (العقود الدريه) وهو يذكر وفاه الشيخ ابن تيميه، قوله: قال القاضى ابو بكر محمد بن عبدالباقى بن محمد البزار: سمعت المظفر هناد بن ابراهيم النسفى يقول: سمعت ابا القاسم عبدالواحد بن عبدالسلام بن الواثق يقول: سمعت بعض الصالحين يقول: رئى بعض الصالحين في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟.
قال: غفر لى.
قيل له: من وجدت اكثر اهل الجنه؟.
قال: اصحاب الشافعى.
فقيل: فاين اصحاب احمد بن حنبل؟.
قال: سالتنى عن اكثر اهل الجنه، ما سالتنى عن اعلى اهل الجنه! اصحاب احمد اعلى اهل الجنه، واصحاب الشافعى اكثر اهل الجنه!.
شر البليه ما يضحك، وشر منه حين يجرى هذا المضحك على السنه كبار الفقهاء والمحققين، واى فقهاء، واى محققين؟! انهم الذين سخروا من احاديث الصوفيه في امثال هذا، ثم يصرخون ويملاون الدنيا صراخا زاعمين انهم - دون سواهم - المتمسكون بعقيده السلف شعره بشعره!.
مخ ۳۲