درس على هولاء جميعا، وآخرين: علوم الحديث، والرجال، واللغه، والتفسير، والفقه والاصول. وقرا بنفسه، ونسخ كتبا بيده منها سنن ابى داود. وكان حاد الطبع، حديد الذهن، قوى الحافظه، برز على اقرانه ولما يجاوز العشرين من عمره، وكان ابوه يعلمه الافتاء ويدربه عليه ليعده لخلافته بعد موته.
على شواط ى ايامه
فى ايامه عتبات لا بد من اطلاله عليها..
لمحات نذكرها في غايه الايجاز، ياتى تفصيل في معظمها ط ى الفصول اللاحقه: قصد مكه حاجا في سنه 691 ه.
ومضت ايامه هادئه، ممدوح السيره، عالى الصيت ، مدرسا، وخطيبا، ومصنفا حتى كانت سنه 698 ه ، فتفجرت عليه براكين الغضب في دمشق والشام، فتابعتها القاهره والاسكندريه، غضب قاده فقهاء المذاهب الثلاثه وشيوخ الصوفيه الذين كانت لهم معه جولات من الصراع، ونزاعات لم تخمد، الا انها لم تبلغ ذروتها الا فيما بعد..
كل ذلك كان اثر خطبه القاها على المنبر تكلم فيها في ذات الله تعالى وصفاته ، فعمق البحث، وتوسع واطنب، فدخل في البحث طرقا لم يسلكها الاولون هيبه وورعا وتمسكا بحدود الشريعه التى تنهى عن الخوض في ذات الله وصفاته تعالى شانه.
ثم زاد على ذلك ما ادخله من براهين ناصر فيها عقيده القائلين بالتجسيم، الذين نسبوا الى الله تعالى صفات هى من صفات الاجسام، كالوجود في جهه واحده، والاستواء على العرش حقيقه، والحركه والانتقال، وان الوجه والايدى والاعين والارجل المذكوره في بعض الايات والاحاديث انما هى على الحقيقه دون المجاز!.
تلك اول ثائره كبيره تثور عليه، ولكن سرعان ما حسمها امير دمشق لصالحه، ولكن جمرها بقى تحت الرماد، حتى تاجج لظاه في فرصه سنحت في سنه 705 ه ، فاستدعى فيها الى مصر، الى القضاء، وسجن هناك سنه ونصف، ثم افرج عنه ، وامر بالاقامه في الاسكندريه، فامضى فيها ثمانيه اشهر في برج على البحر.
وفى الاسكندريه ركز حملاته على الصوفيه، فوقعت هناك فتن كثيره مده اقامته.
مخ ۲۹