ابن سينا فیلسوف
ابن سينا الفيلسوف: بعد تسعمئة سنة على وفاته
ژانرونه
العناية الإلهية
إن أقوال ابن سينا في العناية الإلهية جد متناقضة، فبينا نشعر بأنه يشرح هذه القضية شرحا يلائم نظريته الصدورية، وينافي القرآن وسائر الكتب الدينية، نراه من جهة أخرى يتملص من تبعة آرائه المضللة مؤمنا بأن الله تعالى يدبر كل شيء، ويعتني بكل شيء مما في السموات والأرض بعناية مطلقة.
1
إن كل مثقف يقرأ بإمعان مصنفات ابن سينا الفلسفية يتوضح له أن حكمته - أساسيا - هي مزيج من التعاليم الأفلاطونية والأرسطوية مع بعض زيادات وتعديلات تتفاوت قيمة ووزنا بتفاوت الموضوعات التي قررها. ومن نظرياته التي تأثرت كثيرا بالتعاليم الأفلاطونية نظريته في العناية الإلهية.
إن أفلاطون الإلهي - كما يسميه علماء العرب - كان يقول بعنايات ثلاث: فالعناية الأولى تختص بالإله الأعظم الذي يعتني أولا وأصالة بالروحانيات، وتبعا بالعالم كله من حيث الأجناس والأنواع والعلل الكلية، والثانية تتعلق بالجزئيات التي يعرضها الكون والفساد، وقد نسبها إلى الآلهة المحيطين بالسموات؛ أي الجواهر المفارقة التي تحرك الأجرام السماوية بحركة مستديرة، والثالثة هي العناية بالأمور الإنسانية، وقد عزاها إلى الشياطين الذين كان يجعلهم الأفلاطونيون وسطاء بيننا وبين الله، على ما رواه القديس أغوسطينوس في كتابه الموسوم «بمدينة الله
Civitas Dei ».
1
ونحن نرتئي أن الشيخ الرئيس - استنادا إلى هذا التعليم - قال بأن الله أو المدبر الأول يدبر ويعتني بالعقل الأول وبكل ما يصدر عنه، والعقل الأول يدبر ويعتني بالعقل الثاني وبما يشتق منه، والعقل الثاني يعتني ويدبر العقل الثالث ولواحقه، وهكذا حتى تنتهي بهذه السلسلة المنظمة «إلى العقل الفعال الذي يدبر أنفسنا»؛
2
لأن العلل العالية أو الصدورات الأولى عن واجب الوجود «لا يجوز أن تعمل ما تعمل من العناية لأجلنا»،
ناپیژندل شوی مخ