ولما كانت الرياضات هي حركات الأعضاء كان منها جزئي وكلي؛ وذلك أن منها ما هي رياضة لجميع البدن، وهي الحركة الكلية لجميع الحيوان، ومنها ما هي رياضة مخصوصة بعضو ما، مثل: أن الصوت رياضة الرئة، والقيام والقعود رياضة للصلب، ولن يخفى على من كان عالما بحركة الأعضاء أي رياضة تخص عضوا عضوا، فهذا أحد ما تنقسم إليه الرياضة من جهة الأعضاء أنفسها.
والرياضة منها قوية ومنها خفيفة، وكل واحد من هذين إما أن يكون عن نقلة المرتاض أعضاءه بعضا، وهو يوجد فيها السريعة والبطيئة.
وإما أن يكون مقاومة بينه وبين محرك آخر يثبت في مكان ويأمر غيره أن ينزعه منه، ومن هذا النوع إشالة الحجر وغير ذلك، وهذه ليس يوجد فيها السرعة والبطء، وربما اجتمع في الرياضة السرعة والقوة، كالذين يطفرون بالحراب.
والرياضة المعتدلة فعلها بالجملة تنمية الروح الغريزية، وتدفع الفضول عن آلات الغذاء وتحليلها وتطيب الأعضاء أنفسها، وهي في هذا المعنى أفضل شيء تنمى به الحرارة، ...
وهذه إذا استعملت بعد تمام الهضم نفعت هذه المنفعة التي ذكرنا، وأما متى استعملت والغذاء غير منهضم لن يؤمن عن استفراغ الأعضاء أنفسها أن تجتذب الغذاء إليها غير منهضم.
وبالجملة فالقوة الهاضمة إنما يكمل فعلها بالسكون، كما أن القوة الدافعة إنما يكمل فعلها بالحركة؛ ولهذا كان وقت الرياضة هذا الوقت، وعلامة هذا الوقت أن يكون البول منصبغا أترجيا
10
لا شديد الحمرة، ومقداره في القوة هو أن يبتدئ البدن يعرق والنفس يتصاعد.
وأما الرياضة القوية فإنما تستفرغ من البدن أكثر مما تحتاج إليه ، فهي بذلك تضعف كما نرى ذلك في أصحاب المهن القوية.
وأما الضعيفة فإنها لا تستفرغ كل ما يجب استفراغه؛ فلذلك كانت زائدة في الأعضاء ومنمية للأبدان.
ناپیژندل شوی مخ