188

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

فيه، وفيه مؤلفه: ((اشتغل الموفق بتأليف المغني أحد كتب الإسلام، فبلغ الأمل في إنهائه، وهو كتاب بليغ في المذهب، تعب فيه، وأجاد، وجمل به المذهب، وقرأه عليه جماعة))

وقال فيه عز الدين بن عبد السلام الشافعي: «ما رأيت في كتب الإسلام مثل المحلى والمجلى لابن حزم، وكتاب المغني للشيخ موفق الذين في جودتها، وتحقيق ما فيها»، والمغني لا يقتصر على ذكر أصول المسائل، ويوازن بين المذاهب المختلفة فيها. بل بعد سوق الأقوال، والترجيح والاختيار يفرع عليها ويخرج، فيأتي بأوفى المطلوب، وأقصى الغاية، وأكثر تفريعاته على مقتضى المذهب الحنبلي.

وإن القارئ لهذا السفر الجليل ليحس بحلاوة العبارة مع دقة المعنى، وجمال الأسلوب مع جلال الفكر، وذلك شأن أمهات كتب الفقه الإسلامي، التي تتصدى للموازنة بين الأقوال، وسوق الأدلة، والاقتباس من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وفتاوى الصحابة، وأقوال كبار التابعين.

٧٥ - عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال: وكنيته أبو بكر. كان قرينا لعمر ابن الحسين الخرقى، وقد تلقى عن الخلال أكثر علمه وأخذ عن كثيرين غيره ممن أخذوا عن أصحاب أحمد. وقد وصفه ابن أبي يعلى في طبقاته، فقال إنه كان حاد الفهم، موثوقا به في العلم متسع الرواية، مشهورا بالدراية، موصوفا بالأمانة، مذكورا بالعبادة، وله المصنفات في العلوم المختلفة))

ويعد أشد تلاميذ الخلال اتباعا له، ونقلا عنه، وكان حر التفكير في الترجيح بالرواية والدراية، ولذا كان يرجح روايات وأقوالا قد رجح الخلال غيرها، ويصرح بالمخالفة، وقد ذكر القاضي ابن أبي يعلى طائفة من اختياراته التي خالف بها شيخه، وقدم في بعضها اختياره على اختيار شيخه، ومن هذه المسائل ما يأتي:

أ- الصلاة في الثوب المغصوب فقد روي فيها روايتان: إحداهما أن الصلاة صحيحة، واختارها الخلال، وروي أنها باطلة واختارها عبد العزيز، وقد رجح القاضي أبو يعلى ما اختاره عبد العزيز، وقال إنها الرواية الصحيحة.

ب- ضم الذهب والفضة لتكميل النصاب وفرض الزكاة إذا كان كل واحد

187