أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل، فملكهم أربعين سنة ثم توفي، فاستخلف ابنه مالوس، ثم توفي، فاستخلف أخاه مناكيل فملكهم زمانا ثم توفي، فاستخلف ابنه بولة، فملكهم مائة وعشرين سنة؛ وهو الأعرج الذي سبا ملك بيت المقدس، وقدم به إلى مصر. وكان بولة قد تقدم (١) في البلاد، وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممن كان قبله بعد فرعون، وطغى فقتله الله، صرعته دابته، فدقت عنقه فمات (٢) .
أخرج ابن عبد الحكم، عن كعب الأحبار، قال: لما مات سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، ملك بعده عمه مرحب، فسار إلى ملك مصر، فقاتله، وأصاب الأترسة الذهب التي عملها سليمان، فذهب بها.
ثم استخلف مرينوس بن بولة فملكهم زمانا ثم توفي، فاستخلف ابنه قرقورة، فملكهم ستين سنة، ثم توفي فاستخلف أخاه لقاس؛ وكان كلما انهدم من تلك البربى شيء لم يقدر أحد على إصلاحه إلا تلك العجوز وولد ولدها، فكانوا أهل البيت لا يعرف ذلك غيرهم، فانقطع أهل ذلك البيت، وانهدم من البربى موضع في زمان لقاس، فلم يقدر أحد على إصلاحه ومعرفة علمه، وبقي على حاله، وانقطع ما كان يقهرون به الناس. ثم توفي لقاس، فاستخلف ابنه قومس، فملكهم دهرا. فلما ظهر بخت نصر على بيت المقدس وسبى بني إسرائيل، وخرج بهم إلى أرض بابل، أقام بإيليا وهي خراب؛ فاجتمع إليه بقايا بني إسرائيل كانوا متفرقين، فقال لهم أرميا: أقيموا بنا في أرضنا لنستغفر الله، ونتوب إليه، لعله أن يتوب علينا، فقالوا: إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصر، فيبعث إلينا، ونحن شرذمة قليلون؛ ولكنا نذهب إلى ملك مصر فنستجير به، وندخل في ذمته، فقال لهم أرميا: ذمة الله أوفى لكم، ولا يسعكم أمان
_________
(١) فتوح مصر: "تمكن".
(٢) فتوح مصر ٢٨-٢٩.
1 / 49