ذلك. وهذا الربع الذي يدفن في كل قرية من خراجها، هو كنوز فرعون التي يُتحدث بها أنها ستظهر، فيطلبها الذين يتبعون الكنوز.
حدثنا أبو الأسود نصر بن عبد الجبار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: خرج وردان من عند مسلمة بن مخلد -وهو أمير على مصر- فمر على عبد الله بن عمرو مستعجلًا، فناداه: أين تريد؟ قال: أرسلني الأمير مسلمة أن آتي منفًا، فأحضر له من كنز فرعون، قال: فارجع إليه، وأقرئه مني السلام وقل له: إن كنز فرعون ليس لك ولا لأصحابك، إنما هو للحبشة، إنهم يأتون في سفنهم يريدون الفسطاط، فيسيرون حتى ينزلوا منفًا، فيظهر لهم كنز فرعون، فيأخذون ما يشاءون، فيقولون: ما نبتغي غنيمة أفضل من هذه، فيرجعون، ويخرج المسلمون في آثارهم فيقتتلون، فيهزم الجيش فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم؛ حتى إن الحبشي ليباع (١) بالكساء.
قال أهل التاريخ: كان فرعون إذا كمل التخضير في كل سنة ينفذ مع قائدين من قواده إردب قمح، فيذهب أحدهما إلى أعلى مصر، والآخر إلى أسفلها، فيتأمل القائد أرض كل قرية، فإن وجد موضعًا بائرًا عطلًا قد أغفل بذره، كتب إلى فرعون بذلك، وأعلمه باسم العامل على تلك الجهة، فإذا بلغ فرعون ذلك، أمر بضرب عنق ذلك العامل، وأخذ ماله، فربما عاد القائدان ولم يجدا موضعًا لبذر الإردب لتكامل العمارة واستظهار الزرع.
وأخرج الحاكم في المستدرك، وصححه عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله ﷺ، قال: "إن موسى حين أراد أن يسير ببني إسرائيل، ضل عنه
الطريق، فقال لبني إسرائيل: ما هذا؟ فقال له علماء بني إسرائيل: إن يوسف حين حضره
_________
(١) ح: "يباع".
1 / 45