(167) فمنها أنا نقول " ما هذا المرئي " و" ما هذا الذي بين يديك " و" ما ذاك السواد الذي نراه من بعيد " و" ما ذاك الذي كأنه يتحرك " وبالجملة " ما هذا المحسوس " فيقرن حرف " ما " بمحسوس - أي محسوس كان وبأي حاسة أحسسناه - وبأمر مشار إليه. فالذي سبيله أن يجاب به عن مثل هذا السؤال هو بعض الكليات التي هي صفات لذلك الشيء المسؤول عنه. فإنا نقول فيه " إنه نخلة " ونقول فيه " إنه شجرة " و" إنه نبات " و" إنه جسم ما " ، فتكون هذه كليات متفاضلة في العموم يليق أن يجاب بكل واحد منها في جواب " ما هو هذا المرئي " . وأي اثنين منها أخذته فإن الأخص منهما يسمى نوعا والأعم يسمى جنسا، لالأن الذي يسمى جنسا لم يكن يجوز أن يسمى بالنوع أو بغيره من الألفاظ، لكن وضع وضعا أن يكون الأخص يسمى نوعا والأعم منها يسمى جنسا. وإذا قويس بينها فوجد فيها شيء هو أخص لا أخص منه، وشيء هو أعم لا أعم منه، وشيء أو أشياء متوسطة هي أخص من بعض وأعم من بعض، سمي الأخص الذي لا أخص منه " نوعا " بالإطلاق و" نوعا أخيرا " و" نوع الأنواع " ، وسمي الأعم الذي لا أعم منه " جنسا " بالإطلاق و" جنسا عاليا " و" جنس الأجناس " ، والذي هو أعم من شيء منهما وأخص من الآخر منهما يسمى نوعا وجنسا - نوعا لما هو أخص منه وجنسا لما هو أعم منه - و" نوعا متوسطا " و" جنسا متوسطا " . وقد يجاب عن هذا السؤال بقول مؤلف من جنس لذلك المسؤول عنه يقيد بصفات ومحمولات أخر. مثل أن يقال لنا " هو شجرة تحمل الرطب " أو " هي الشجرة التي تثمر التمر " . أو إن اتفق أن كان المسؤول عنه حائطا فإنه قد يجاب " إنه حائط " أو يجاب بأنه " جسم متصلب ذو سمك مؤتلف من حجارة أو لبن أو طين أعد ليحمل السقف ويصون من الرياح " ، فيقوم ذلك مقام قولنا " إنه حائط " . فإن الحائط هو نوع الشخص المسؤول عنه، والقول الذي أقيم مقامه هو حد الحائط وهو حد النوع المسؤول عنه، وإنما يكون ذلك القول أبدا مؤتلفا من حد النوع ومن الأشياء التي بها أو لها قوام ذلك النوع. وما يدل عليه حد النوع هو ماهيته، والذي يدل عليه جزء جزء من أجزاء القول هو جزء ماهيته.
مخ ۵۱