الاستطراد الاهم والمقدم على مايليه
أخي القارئ إنما نرجوك أن تواصل معنا التأمل بإمعان وانتباه وأن تتفهم معنا هذه اللفتة اللطيفة الهامة ونحن لا نريد منك أن تسلم بما نقول ولكن أن تتأمل ثم أنت مخير بين الرفض أو القبول لن نطيل المقدمة ولكن سندخل إلى المهمة اقرأ معنا الآيات التالية في سورة يس وهي قوله تعالى: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون * وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون * إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين) [يس: الآيات: 41 إلى 44].
إنها آيات تابعة لما سبق من الآيات والتي تبدأ بقوله تعالى: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون) [33].ثم ما يليها إلى الآيات التي أوردناها قبلها وعلى أي حال فإن الله العليم قد دلل لنا في هذه الآيات المتوالية على ربوبيته وقدرته ؟؟ والرغبة إليه والرهبة منه والاعتماد عليه في كل شأن من شئون الإنسان مهما دق أو جل. وأكد على أنه لو يشاء لما استمرت هذه العطايا تتولى وهذه الآيات تتلالأ ولكنها مستمرة لنا رحمة منه وتنفيذا لقضائه الذي حتم به أن لنا متاعا إلى حين.
وهي آيات واضحة للإنسان في كل زمان وهي مستمرة مسخرة للإنسان بفضل الله رغم جحوده والكفران.
فكلما رأى آية أعرض واستكبر وكلما ذكر بالحشر استبعده وأنكر وحال الإنسان في الدنيا غفلة وإعراض وطاعة للهوى ولهذا انتقل السياق إلى بيان ما سيلقاه الإنسان في الأخرى وكيف سيكون المصير يوم الفصل الكبير.فإذا الناس إلى ربهم ينسلون وإذا هم لدى ربهم محضرون وهو يوم عظيم الحاكم فيه هو الله الحكيم (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) [يس:54]وعلى هذا الأساس من العدل فالناس فريقان فمنهم أصحاب الجنة ومنهم المجرمون، وكلهم يلقون ما يستحقون، لكنهم في الحال لا يستوون فالمجرمون تدنو منهم جهنم حتى يقال لهم: (هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) [يس:63و64].هو مصير بأعمالهم استحقوه، وهم لا يستطيعون إخفاء ما عملوه، وكيف لا وأدوات العمل هم الشهود (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)[يس:65]إنها مشاهد مذهلة لمن أجرم مبهمة لمن أسلم لربه واستسلم، وإنه لنبأ عظيم خطير ينبئنا به الله العليم الخبير، وهنا ننهي مشاهد ما سيجري للإنسان في الأخرى وكلها تؤكد على قدر ذاته وعدله وحكمته وعلمه الذي يعلم السر وأخفى ليعود السياق إلى استئناف ما انقطع من بيان آيات الله وقدراته في الدنيا فقال الله: (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) [يس:66و67]
وها هنا هي اللفتة اللطيفة التي أردنا توضيحها لكم فلقد اعتقد كل المفسرين الأولين والآخرين أن هاتين الآيتين تحكي ما يصيب الإنسان في الآخرة لأنها جاءت بعد آيات العذاب للمجرمين التي قبلها. مع أن الحديث عن حالة الإنسان في الآخرة قد انتهى عند قوله: (اليوم نختم على أفواههم) إلى آخر الآية:65، أما هذه فهي عودة إلى ما سبقها من الآيات التي انتهت بقوله تعالى: (إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين) الآية:44 فهي معطوفة على تلك الآيات التي تقر أن مشيئة الله مطلقة، ولإيضاح ما أقوله ولتحقيق هذه اللفتة في ذهنك فانظر إنه في الآية 43 يقول: (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون) هذا في البحر إذن فإن من المناسب أن يعطف عليه قوله تعالى ما يخص البر وهو قوله (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون) أي: فأرادوا الاستباق إلى الطريق فلا يستطيعون لأن أعينهم مطموسة فأنى يبصرون. وهذا يعني أن الإنسان في يد الله وتحت حكمه وفي رحمته في البر والبحر وفي كل حال. فلا البر يحميه ولا البحر يرويه، فهو محروس فيها بالله ولو شاء لأغرق الإنسان في البحر كما أنه لو شاء لطمس الأعين فلا يستطيع الإنسان أن يهتدي في الصراط أي الطريق ولا يبصر ولا يهتدي فهو المسير في البر والبحر وهو الحافظ للإنسان في كل حال ، فهو يسير بإذن الله وهو يبصر بقدرته وهو يتحرك برحمته بل إنه القادر أن يمسخ الإنسان جمادا فلا يتحرك أماما ولا خلفا بل يبقى جامدا جلفا لا يمضي لما يشاء ولا يحقق هدفا وهذا هو الانتكاس الذي ليس له شفاء فالإنسان مسير بالله يتحرك بقدرة الله مسخرة له الأشياء بقوة الله فهو لا يستطيع أن ينال شيئا ولا يجمع، ولا أن يرد عن نفسه ضرا ولا يدفع، إلا بإذن الله، فما باله ينسى ربه الذي بيده ملكوت كل شيء والذي هو الحي القيوم ومنه حياة كل حي وبه يقوم كل شيء. وإذا شاء الإنسان الدليل على عجزه بدون ربه وعلى فقره إلى ربه فلينظر إلى نفسه. فهل يستطيع أن يطيل عمره بغذائه المترف؟ وهل يقدر أن يرد عن جسمه الانتكاس والنقص بأكله المسرف؟ وهل يستطيع بأطباء الأرض أن يحمي جسده من الضعف والهرم؟ وأن يصد عن أعضائه الانتكاس والسقم؟ كلا، فكلما زاد عمره نقص وكلما تقدم به العمر انتكس، وكلما مرت به الأيام أبطأ وعثر، وكلما أسرعت به توقف واندثر، ولكنه لا يعقل ولا يتفكر، أنه بربه مسير، ولهذا يقول الله: (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون) [يس:68]
وبعد فهل اتضح لكم يا أخواني: أن الآيات (66و67و68) من سورة يس معطوفة على الآيتين 43و44 من نفس السورة؟ قد تسألون: هل هذا مألوف؟ وهل هذا الأسلوب لدى العرب معروف؟ وأقول: نعم، إنه الاستطراد الذي يكون الداعي إليه إيضاح لأن ما يحتويه هو الأهم، وأنه المقدم على ما يليه. ألا ترون أن من البديهي بعد إيراد تلك الآيات الدالة على قدرة الله وتدبيره والتي تبدأ بقوله: (وآية لهم الأرض الميتة. . الخ) وتنتهي بقوله: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون)إن البديهي أن يتأكد الإنسان بلا ارتياب أن الله قادر على إعادته للحساب، وأن آياته تدل على ذلك لأولي الألباب. لكن الناس حالهم غير ذلك (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) [46]وليس هذا فقط ، بل قولهم ما هو أشد: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) [48]وأمام هذا الحال الغافل كان لا بد من الاستطراد الزاخر بكل صور اليوم الآخر وما يحفل به من جنات للبار وجحيم للكافر، فالنعيم للمسلم والجحيم للمجرم، وإنه لفي خزي وندم، فإن فمه عليه يختم، وأعضائه هي التي تتكلم، وهذا هو الهوان الأعظم. أليس في هذا الاستطراد الجميل ما ينبه القلب السليم، إلى الاستعداد لذلك اليوم العظيم؟
ثم إذا ما انتهى من هذا المراد وأدى الغرض من الاستطراد عاد ليذكر الإنسان بعجزه وفقره في شبابه وكبره وأن حاله لا يرد عنه الموت الحق وأن ترفه لا يصد عنه الانتكاس في الخلق، فالموت قارع لمن يأكل الكدمة واللحمة. والضعف ضيف على من يتعالج في تبن أو في لندن، وكلاهما إلى المنية قادم مهما طال الزمن.الاستطراد الاهم والمقدم على مايليه ¶ أخي القارئ إنما نرجوك أن تواصل معنا التأمل بإمعان وانتباه وأن تتفهم معنا هذه اللفتة اللطيفة الهامة ونحن لا نريد منك أن تسلم بما نقول ولكن أن تتأمل ثم أنت مخير بين الرفض أو القبول لن نطيل المقدمة ولكن سندخل إلى المهمة اقرأ معنا الآيات التالية في سورة يس وهي قوله تعالى: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون * وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون * إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين) [يس: الآيات: 41 إلى 44]. ¶ إنها آيات تابعة لما سبق من الآيات والتي تبدأ بقوله تعالى: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون) [33].ثم ما يليها إلى الآيات التي أوردناها قبلها وعلى أي حال فإن الله العليم قد دلل لنا في هذه الآيات المتوالية على ربوبيته وقدرته ؟؟ والرغبة إليه والرهبة منه والاعتماد عليه في كل شأن من شئون الإنسان مهما دق أو جل. وأكد على أنه لو يشاء لما استمرت هذه العطايا تتولى وهذه الآيات تتلالأ ولكنها مستمرة لنا رحمة منه وتنفيذا لقضائه الذي حتم به أن لنا متاعا إلى حين. ¶ وهي آيات واضحة للإنسان في كل زمان وهي مستمرة مسخرة للإنسان بفضل الله رغم جحوده والكفران. ¶ فكلما رأى آية أعرض واستكبر وكلما ذكر بالحشر استبعده وأنكر وحال الإنسان في الدنيا غفلة وإعراض وطاعة للهوى ولهذا انتقل السياق إلى بيان ما سيلقاه الإنسان في الأخرى وكيف سيكون المصير يوم الفصل الكبير.فإذا الناس إلى ربهم ينسلون وإذا هم لدى ربهم محضرون وهو يوم عظيم الحاكم فيه هو الله الحكيم (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) [يس:54]وعلى هذا الأساس من العدل فالناس فريقان فمنهم أصحاب الجنة ومنهم المجرمون، وكلهم يلقون ما يستحقون، لكنهم في الحال لا يستوون فالمجرمون تدنو منهم جهنم حتى يقال لهم: (هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) [يس:63و64].هو مصير بأعمالهم استحقوه، وهم لا يستطيعون إخفاء ما عملوه، وكيف لا وأدوات العمل هم الشهود (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)[يس:65]إنها مشاهد مذهلة لمن أجرم مبهمة لمن أسلم لربه واستسلم، وإنه لنبأ عظيم خطير ينبئنا به الله العليم الخبير، وهنا ننهي مشاهد ما سيجري للإنسان في الأخرى وكلها تؤكد على قدر ذاته وعدله وحكمته وعلمه الذي يعلم السر وأخفى ليعود السياق إلى استئناف ما انقطع من بيان آيات الله وقدراته في الدنيا فقال الله: (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) [يس:66و67] ¶ وها هنا هي اللفتة اللطيفة التي أردنا توضيحها لكم فلقد اعتقد كل المفسرين الأولين والآخرين أن هاتين الآيتين تحكي ما يصيب الإنسان في الآخرة لأنها جاءت بعد آيات العذاب للمجرمين التي قبلها. مع أ ن الحديث عن حالة الإنسان في الآخرة قد انتهى عند قوله: (اليوم نختم على أفواههم) إلى آخر الآية:65، أما هذه فهي عودة إلى ما سبقها من الآيات التي انتهت بقوله تعالى: (إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين) الآية:44 فهي معطوفة على تلك الآيات التي تقر أن مشيئة الله مطلقة، ولإيضاح ما أقوله ولتحقيق هذه اللفتة في ذهنك فانظر إنه في الآية 43 يقول: (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون) هذا في البحر إذن فإن من المناسب أن يعطف عليه قوله تعالى ما يخص البر وهو قوله (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون) أي: فأرادوا الاستباق إلى الطريق فلا يستطيعون لأن أعينهم مطموسة فأنى يبصرون. وهذا يعني أن الإنسان في يد الله وتحت حكمه وفي رحمته في البر والبحر وفي كل حال. فلا البر يحميه ولا البحر يرويه، فهو محروس فيها بالله ولو شاء لأغرق الإنسان في البحر كما أنه لو شاء لطمس الأعين فلا يستطيع الإنسان أن يهتدي في الصراط أي الطريق ولا يبصر ولا يهتدي فهو المسير في البر والبحر وهو الحافظ للإنسان في كل حال ، فهو يسير بإذن الله وهو يبصر بقدرته وهو يتحرك برحمته بل إنه القادر أن يمسخ الإنسان جمادا فلا يتحرك أماما ولا خلفا بل يبقى جامدا جلفا لا يمضي لما يشاء ولا يحقق هدفا وهذا هو الانتكاس الذي ليس له شفاء فالإنسان مسير بالله يتحرك بقدرة الله مسخرة له الأشياء بقوة الله فهو لا يستطيع أن ينال شيئا ولا يجمع، ولا أن يرد عن نفسه ضرا ولا يدفع، إلا بإذن الله، فما باله ينسى ربه الذي بيده ملكوت كل شيء والذي هو الحي القيوم ومنه حياة كل حي وبه يقوم كل شيء. وإذا شاء الإنسان الدليل على عجزه بدون ربه وعلى فقره إلى ربه فلينظر إلى نفسه. فهل يستطيع أن يطيل عمره بغذائه المترف؟ وهل يقدر أن يرد عن جسمه الانتكاس والنقص بأكله المسرف؟ وهل يستطيع بأطباء الأرض أن يحمي جسده من الضعف والهرم؟ وأن يصد عن أعضائه الانتكاس والسقم؟ كلا، فكلما زاد عمره نقص وكلما تقدم به العمر انتكس، وكلما مرت به الأيام أبطأ وعثر، وكلما أسرعت به توقف واندثر، ولكنه لا يعقل ولا يتفكر، أنه بربه مسير، ولهذا يقول الله: (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون) [يس:68] ¶ وبعد فهل اتضح لكم يا أخواني: أن الآيات (66و67و68) من سورة يس معطوفة على الآيتين 43و44 من نفس السورة؟ قد تسألون: هل هذا مألوف؟ وهل هذا الأسلوب لدى العرب معروف؟ وأقول: نعم، إنه الاستطراد الذي يكون الداعي إليه إيضاح لأن ما يحتويه هو الأهم، وأنه المقدم على ما يليه. ألا ترون أن من البديهي بعد إيراد تلك الآيات الدالة على قدرة الله وتدبيره والتي تبدأ بقوله: (وآية لهم الأرض الميتة. . الخ) وتنتهي بقوله: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون)إن البديهي أن يتأكد الإنسان بلا ارتياب أن الله قادر على إعادته للحساب، وأن آياته تدل على ذلك لأولي الألباب. لكن الناس حالهم غير ذلك (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) [46]وليس هذا فقط ، بل قولهم ما هو أشد: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) [48]وأمام هذا الحال الغافل كان لا بد من الاستطراد الزاخر بكل صور اليوم الآخر وما يحفل به من جنات للبار وجحيم للكافر، فالنعيم للمسلم والجحيم للمجرم، وإنه لفي خزي وندم، فإن فمه عليه يختم، وأعضائه هي التي تتكلم، وهذا هو الهوان الأعظم. أليس في هذا الاستطراد الجميل ما ينبه القلب السليم، إلى الاستعداد لذلك اليوم العظيم؟ ¶ ثم إذا ما انتهى من هذا المراد وأدى الغرض من الاستطراد عاد ليذكر الإنسان بعجزه وفقره في شبابه وكبره وأن حاله لا يرد عنه الموت الحق وأن ترفه لا يصد عنه الانتكاس في الخلق، فالموت قارع لمن يأكل الكدمة واللحمة. والضعف ضيف على من يتعالج في تبن أو في لندن، وكلاهما إلى المنية قادم مهما طال الزمن.
خلقهن العزيز العليم
أهلا أخي القارئ: إننا ندعوك بلطف إلى أوائل سورة الزخرف. فهيا معنا لنقرأ قول الله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) [9]هل ظن أن قوله (خلقهن العزيز العليم) يمكن أن يقوله أولئك المسرفون الذين وصفهم الله بقوله: (وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون) [7]؟
ناپیژندل شوی مخ