223

حلل سندسي

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

ژانرونه

646

وإن ذكرها ابن بشكوال وصاحب المغرب وغير واحد، فإنها عندي لا أصل لها، وأي وقت بعث عثمان إلى الأندلس؟ مع أن فتحها بالاتفاق إنما كان زمان الوليد! وإنما ذكرت هذه للتنبيه عليه لا غير. والله أعلم.

قال ابن سعيد: وميزان وصف الأندلس؛ أنها جزيرة قد أحدقت بها البحار، فأكثرت فيها الخصب والعمارة من كل جهة، فمتى سافرت من مدينة إلى مدينة لا تكاد تنقطع من العمارة، ما بين قرى ومياه ومزارع، والصحاري فيها معدومة.

647

ومما اختصت به أن قراها في نهاية من الجمال، لتصنع أهلها في أصناعها وتبييضها، لئلا تنبو العيون عنها، فهي كما يقول الوزير بن الخمارة فيها:

لاحت قراها بين خضرة أيكها

كالدر بين زبرجد مكنون

ولقد تعجبت لما دخلت الديار المصرية من أوضاع قراها التي تكدر العين بسوادها، ويضيق الصدر بضيق أوضاعها. وفي الأندلس جهات تقرب فيها المدينة العظيمة الممصرة من مثلها. والمثال في ذلك أنك إذا توجهت من أشبيلية فعلى مسيرة يوم وبعض آخر، مدينة شريش، وهي في نهاية من الحضارة والنضارة، ثم يليها الجزيرة الخضراء كذلك، ثم مالقة. وهذا كثير في الأندلس. ولهذا كثرت مدنها، وأكثرها مسور من أجل الاستعداد للعدو، فحصل لها بذلك التشييد والتزيين، وفي حصونها ما يبقى في محاربة العدو ما ينيف على عشرين سنة، لامتناع معاقلها، ودربة أهلها على الحرب، واعتيادهم لمجاورة العدو بالطعن والضرب، وكثرة ما تتخزن الغلة في مطاميرها، فمنها ما يطول صبره عليها نحوا من مائة سنة.

قال ابن سعيد: ولذلك أدامها الله تعالى من وقت الفتح إلى الآن، وإن كان العدو قد نقصها من أطرافها، وشارك في أوساطها، ففي البقية منعة عظيمة، فأرض بقي فيها مثل أشبيلية، وغرناطة، ومالقة، والمرية، وما ينضاف إلى هذه الحواضر العظيمة الممصرة، الرجاء قوي فيها بحول الله وقوته. انتهى. قلت قد خاب ذلك الرجاء ،

648

ناپیژندل شوی مخ