221

حلل سندسي

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

ژانرونه

639

من عمل مرسية تعمل البسط التي يغالى في ثمنها بالمشرق، ويصنع في غرناطة وبسطة من ثياب اللباس المحررة، الصنف الذي يعرف بالملبد المخثم، ذو الألوان العجيبة. ويصنع في مرسية من الأسرة المرصعة والحصر الفتانة الصنعة، وآلات الصفر والحديد من السكاكين، والمقاص المذهبة، وغير ذلك من آلات العروس والجندي ما يبهر العقل، ومنها تجهز هذه الأصناف إلى بلاد أفريقية وغيرها، ويصنع بها وبالمرية ومالقة الزجاج الغريب العجيب، وفخار مزجج مذهب، ويصنع بالأندلس نوع من المفضض المعروف بالمشرق بالفسيفساء، ونوع يبسط به في قاعات ديارهم، يعرف بالزليجي ، يشبه المفضض. وهو ذو ألوان عجيبة، يقيمونه مقام الرخام الملون، الذي يصرفه أهل المشرق في زخرفة بيوتهم، كالشاذروان وما يجري مجراه.

وأما آلات الحرب من التراس والرماح والسروج والألجم والدروع والمغافر، فأكثرهم أهل الأندلس، فيما حكى ابن سعيد، كانت مصروفة إلى هذا الشأن، ويصنع فيها في بلاد الكفر ما يبهر العقول. قال: والسيوف البردليات مشهورة بالجودة، وبرديل

640

آخر بلاد الأندلس من جهة الشمال والمشرق. والفولاذ الذي بأشبيلية إليه النهاية. وفي أشبيلية من دقائق الصنائع ما يطول ذكره. وقد أفرد ابن غالب في «فرحة الأنس» للآثار الأولية التي بالأندلس من كتابه مكانا فقال: منها ما كان من جلبهم الماء من البحر الملح إلى الأرحى

641

التي «بطركونة» على وزن لطيف، وتدبير محكم، حتى طحنت به، وذلك من اعجب ما صنع. ومن ذلك ما صنعه الأولون أيضا من جلب الماء من البحر المحيط إلى جزيرة قادس، من العين التي في إقليم الأصنام، جلبوه في جوف البحر في الصخر المجوف، ذكرا في أنثى، وشقوا به الجبال، فإذا وصلوا به إلى المواضع المنخفضة بنوا له قناطر على حنايا، فإذا جاوزها واتصل بالأرض المعتدلة رجعوا إلى البنيان المذكور، فإذا صادف مسبخة بنى له رصيف وأجري عليه هكذا إلى أن انتهى به إلى البحر، ثم دخل به في البحر وأخرج في جزيرة قادس، والبنيان الذي دخل عليه الماء في البحر ظاهر بين. قال ابن سعيد: إلى وقتنا هذا.

ومنها الرصيف المشهور بالأندلس، قال في بعض أخبار رومية: أنه لما ولى يوليش المعروف بجاشر، وابتدأ بتذريع الأرض وتكسيرها، كان ابتداؤه بذلك من مدينة رومية، إلى المشرق منها وإلى المغرب، وإلى الشمال وإلى الجنوب، ثم بدأ بفرش المبطلة، وأقبل بها على وسط دائرة، إلى أن بلغ بها أرض الأندلس، وركزها شرقي قرطبة، ببابها المتطامن المعروف بباب عبد الجبار، ثم ابتدأها من باب القنطرة قبلي قرطبة، إلى شقندة، إلى أستجة، إلى قرمونة، إلى البحر، وأقام على كل ميل سارية قد نقش عليها اسمه، من مدينة رومية، وذكر أنه أراد تسقيفها في بعض الأماكن، راحة للخاطرين

642

من وهج الصيف، وهول الشتاء، ثم توقع أن يكون ذلك فسادا في الأرض، وتغييرا للطرق، عند انتشار اللصوص، وأهل الشر فيها في المواضع المنقطعة النائية عن العمران، فتركها على ما هي عليه.

ناپیژندل شوی مخ