219

حلل سندسي

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

ژانرونه

ومن قصد البحر استقل السواقيا (وطوينا هنا بعض محاضرات لا صلة لها بموضوعنا من جغرافية البلاد إلى أن يقول):

والذي رأيته لبعض مؤرخي المغرب في سرقسطة أنها لا تدخلها عقرب ولا حية إلا ماتت من ساعتها، ويؤتى بالحيات والعقارب إليها حية، فبنفس ما تدخل إلى جوف البلد تموت. قال ولا يتسوس فيها شيء من الطعام، ولا يعفن، ويوجد فيها القمح من مائة سنة، والعنب المعلق من ستة أعوام، والتين والخوخ وحب الملوك

633

والتفاح والأجاص اليابسة من أربعة أعوام ، والفول والحمص من عشرين سنة ، ولا يسوس فيها خشب ولا ثوب، كان صوفا أو حريرا أو كتانا. وليس في بلاد الأندلس أكثر فاكهة منها، ولا أطيب طعما، ولا أكبر جرما. والبساتين محدقة بها من كل ناحية ثمانية أميال، ولها أعمال كثيرة، مدن وحصون وقرى، مسافة أربعين ميلا، وهي تضاهي مدن العراق في كثرة الأشجار والأنهار، وبالجملة فأمرها عظيم. وقد أسلفنا ذكرها.

واعلم أن بأرض الأندلس من الخصب والنضرة وعجائب الصنائع وغرائب الدنيا ما لا يوجد مجموعه غالبا في غيرها. فمن ذلك ما ذكره الحجاري في المسهب أن السمور الذي يعمل من وبره الفراء الرفيعة، يوجد في البحر المحيط بالأندلس من جهة جزيرة برطانية، ويجلب إلى سرقسطة ويصنع بها. ولما ذكر ابن غالب وبر السمور الذي يصنع بقرطبة قال: هذا السمور المذكور هنا لم أتحقق ما هو، ولا ما عني به، إن كان هو نباتا عندهم، أو وبر الدابة المعروفة، فإن كانت الدابة المعروفة فهي دابة تكون في البحر وتخرج إلى البر، وعندها قوة ميز. وقال حامد بن سمحون الطبيب، صاحب كتاب الأدوية المفردة: هو حيوان يكون في بحر الروم، ولا يحتاج منه إلا خصاه، فيخرج الحيوان من البحر في البر، فيؤخذ وتقطع خصاه ويطلق، فربما عرض للقناصين مرة أخرى، فإذا أحس بهم وخشي أن لا يفوتهم، استلقى على ظهره وفرج بين فخذيه، ليرى موضع خصييه خاليا، فإذا رآه القناصون كذلك تركوه. قال ابن غالب ويسمى هذا الحيوان أيضا «الجند بادستر» والدواء الذي يصنع من خصييه من الأدوية الرفيعة، ومنافعه كثيرة، وخاصيته في العلل الباردة، وهو حار يابس في الدرجة الرابعة. «والقنلية»؟ حيوان أدق من الأرنب، وأطيب في الطعم، وأحسن وبرا، وكثيرا ما يلبس فراؤها، ويستعملها أهل الأندلس من المسلمين والنصارى، ولا يوجد في بر البربر، إلا ما جلب منها إلى سبتة، فنشأ في جوانبها. قال ابن سعيد: وقد جلبت في هذه المدة إلى تونس حضرة أفريقية.

ويكون بالأندلس من الغزال والأيل وحمار الوحش وبقره وغير ذلك مما لا يوجد في غيرها كثيرا. وأما الأسد فلا يوجد فيها البتة، ولا الفيل، ولا الزرافة وغير ذلك، مما يكون في أقاليم الحرارة. ولها سبع يعرف «باللب»

634

أكبر بقليل من الذئب، في نهاية من القحة، وقد يفترس الرجل، إذا كان جائعا. وبغال الأندلس فارهة، وخيلها ضخمة الأجسام، حصون للقتال لحملها الدروع وثقال السلاح والعدو في خيل البر الجنوبي. ولها من الطيور الجوارح وغيرها ما يكثر ذكره ويطول، وكذلك حيوان البحر. ودواب بحرها المحيط في نهاية من الطول والعرض قال ابن سعيد: عاينت من ذلك العجب، والمسافرون في البحر يخافون منها، لئلا تقلب المراكب، فيقطعون الكلام، ولها نفخ بالماء من فيها يقوم في الجو، ذا ارتفاع مفرط.

وقال ابن سعيد: قال المسعودي في مروج الذهب: في الأندلس من أنواع الأفاوية خمسة وعشرون صنفا: منها السنبل، والقرنفل، والصندل والقرفة، وقصب الذريرة، وغير ذلك. وذكر ابن غالب أن المسعودي قال: أصول الطيب خمسة أصناف: المسك، والكافور، والعود، والعنبر، والزعفران. وكلها من أرض الهند إلا الزعفران والعنبر، فإنهما موجودان في أرض الأندلس، ويوجد العنبر في أرض الشحر: قال ابن سعيد: وقد تكلموا في أصل العنبر: فذكر بعضهم أنه عيون تنبع في قعر البحر، يصير منها ما تبلعه الدواب وتقذفه. قال الحجاري: ومنهم من قال إنه نبات في قعر البحر، وقد تقدم قول الرازي: إن المحلب، وهو المقدم في الأفاوية، والمفضل في أنواع الأشنان، لا يوجد في شيء من الأرض إلا بالهند والأندلس. قال ابن سعيد: وفي الأندلس مواضع ذكروا أن النار إذا أطلقت فيها فاحت بروائح العود، وما أشبهه. وفي جبل شلير أفاوية هندية. قال: وأما الثمار وأصناف الفواكه فالأندلس أسعد بلاد الله بكثرتها، ويوجد في سواحلها قصب السكر، والموز، ويوجدان في الأقاليم الباردة، ولا يعدم منها التمر. ولها من أنواع الفواكه ما يعدم في غيرها أو يقل كالتين القوطي والتين السفري بأشبيلية. قال ابن سعيد: وهذان صنفان لم تر عيني، ولم أذق لهما، منذ خرجت من الأندلس، ما يفضلهما. وكذلك التين المالقي والزبيب المنكبي

635

ناپیژندل شوی مخ