193

حلل سندسي

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

ژانرونه

فقالت مرسية: أمامي تتعاطون الفخر، وبحضرة الدر تنفقون الصخر، إن عدت المفاخر، فلي منها الأول والآخر ، أين أوشالكم من بحري، وخرزكم من لؤلؤ نحري؟ وجعجعتكم من نفثات سحري؟ فلي الروض النضير، والمرأى الذي ما له نظير، ورتقائي التي سار مثلها في الآفاق، وتبرقع وجه جمالها بغرة الأصفاق، فمن دوحات، كم لها من بكور وروحات، ومن أرجاء، إليها تمد أيدي الرجاء. فأبنائي في الجنة الدنيوية مودعون، يتنعمون فيما يأخذون ويدعون، ولهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون، فانقادوا لأمري، وحاذروا اصطلاء جمري، وخلوا بيني وبين سيدنا أبي زيد، وإلا ضربتكم ضرب زيد، فأنا أولاكم بهذا الملك المستأثر بالتعظيم، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.

فقالت بلنسية: فيم الجدال والقراع، وعلام الاستهام والاقتراع، وإلام التعريض والتصريح، وتحت الرغوة اللبن الصريح؟! أنا أحوزه من دونكم، فأخمدوا نار تحرككم وهدونكم، فلي المحاسن الشامخة الأعلام. والجنات التي تلقى إليها الآفاق يد الاستسلام، وبرصافتي وجسري أعارض مدينة السلام، فأجمعوا على الانقياد لي والسلام، وإلا فعضوا بنانا، واقرعوا أسنانا. فأنا حيث لا تدركون وأني؟ ومولانا لا يهلكنا بما فعل السفهاء منا!

فعند ذلك ارتمت جمرة تدمير بالشرار، واستدت أسهمها لنحور الشرار، وقالت: عش رجبا، تر عجبا! أبعد العصيان والعقوق، تتهيأن لرتب ذوي الحقوق؟! هذه سماء الفخر، فمن ضمنك أن تعرجي؟ ليس بعشك فادرجي، لك الوصف والخيل. آلآن؟ وقد عصيت قبل أيتها الصانعة الفاعلة، من أدراك أن تضربي وما أنت فاعلة، ما الذي يجديك الروض والزهر؟ أم يفيدك الجدول والنهر؟ وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ هل أنت إلا محط رحل النفاق، ومنزل ما لسوق الخصب فيه من نفاق، ذراك لا يكتحل الطرف فيه بهجوع، وقراك لا يسمن ولا يغني من جوع، فإلام تبرز الإماء في منصة العقائل؟ ولكن اذكري قول القائل:

بلنسية، بيني عن القلب سلوة

فإنك روض لا أحن لزهرك

وكيف يحب المرء دارا تقسمت

على صارمى جوع وفتنة مشرك؟

بيد أني أسأل الله تعالى أن يوقد من توفيقك ما خمد، ويسيل من تسديدك ما جمد، ولا يطيل عليك في الجهالة الأمد، وإياه سبحانه نسأل أن يرد سيدنا ومولانا إلى أفضل عوائده، ويجعل مصائب أعدائه من فوائده، ويمكن حسامه من رقاب المشغبين، ويبقيه وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويصل له تأييدا وتأييدا، ويمهد له الأيام حتى تكون الأحرار لعبيد عبيده عبيدا، ويمد على الدنيا بساط سعده، ويهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.

آمين! آمين! لا أرض بواحدة

حتى أضيف إليها ألف آمينا

ناپیژندل شوی مخ