حلل سندسي
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
ژانرونه
575
ومن مشهور مدن الأندلس المرية، وهي على ساحل البحر، ولها القلعة المنيعة المعروفة بقلعة خيران، بناها عبد الرحمن الناصر، وعظمت في دولة المنصور ابن أبي عامر، وولي عليها خيران، فنسبت القلعة إليه. وبها من صنعة الديباج ما تفوق به سائر البلاد. وفيها دار الصناعة.
576
وتشتمل كورتها على معدن الحديد والرخام. ومن أبوابها باب العقاب عليه صورة عقاب من حجر، قديم عجيب المنظر.
وقال بعضهم: كان بالمرية لنسج طرز الحرير ثمانمائة نول، وللحلل النفيسة والديباج الفاخر ألف نول، وللاسقلاطون كذلك، وللثياب الجرجانية كذلك، وللأصفهانية مثل ذلك، وللعنابي والمعاجر المدهشة، والستور المكللة. ويصنع بها من صنوف آلات الحديد والنحاس والزجاج ما لا يوصف.
577
وفاكهة المرية يقصر عنها الوصف حسنا، وساحلها أفضل السواحل،
578
وبها قصور الملوك القديمة الغريبة العجيبة. وقد ألف فيها أبو جعفر بن خاتمة تاريخا حافلا، سماه «بمزية المرية على غيرها من البلاد الأندلسية» في مجلد ضخم، تركته من جملة كتبي بالمغرب. والله سبحانه المسئول في جمع الشمل، فله الأمر من بعد ومن قبل.
ووادي المرية طوله أربعون ميلا في مثلها، كلها بساتين بهجة، وجنات نضرة وأنهار مطردة، وطيور مغردة. قال بعضهم: ولم يكن في بلاد الأندلس أكثر مالا من أهل المرية، ولا أعظم متاجر وذخائر، وكان بها من الحمامات والفنادق نحو الألف، وهي بين الجبلين، بينهما خندق معمور، وعلى الجبل الواحد، قصبتها المشهورة بالحصانة، وعلى الآخر ربضها. والسور محيط بالمدينة والربض. وغربيها ربض لها آخر يسمى ربض الحوض، ذو فنادق وحمامات، وخنادق وصناعات، وقد استدار بها من كل جهة حصون مرتفعة، وأحجار أولية. وكأنما غربلت أرضها من التراب. ولها مدن وضياع عامرة متصلة الأنهار. انتهى.
ناپیژندل شوی مخ