ما أرِّجي بالعْيشِ بعد نداما ... يَ أراهم سُقوا بكأس حَلاق
بَعْد عَمْرو وعَامرٍ وحيٍّ ... وربيع الصدوف وابني عنَاقِ
وكُليب سَمّ الفوارس إذ حُم ... مَ رُمَاةُ الكماةُ بالإيفَاقِ
إن تحتَ الأحْجَار حَزْمًا وجودًا ... وخَصِيمًا ألدَّ ذَا مِعْلاقِ
حَيَّةٌ في الوَجار أرْبَد لا ينْ ... فَعُ منه السَّلِيمَ نفثةُ راقِي
الطفلة: - بفتح الطاء -: الناعمة الجسم، والطفلة - بالكسر - الصغيرة، ويقال: طفلة وطفلة.
والشماء: التي في أنفها شمم.
ومعنى وقتك: حفظتك، والأواقي: جمع واقية، وهي: ما يقي الإنسان، ويحفظه من كلاءة الله، والأقدار السابقة، ومعناه: وقاك الله ﷿ من أمور عظام أشرفت منها على الهلاك، كره اجتماع الواوين، فهمزت الواو الأولى، حملا للتكسير على التصغير إذا قلت: أو بقية. وحلاق: اسم للمنية مبني على الكسر مثل: حزام، وقطام. والكماة: الشجعان، وأحدهم كامٍ مثل: قاض وداع، وقضاة ودعاة.
والإيفاق: وضع السهم على الوتر عند الرمي.
والألد: الشديد الخصومة.
والمغلاق: - بالغين معجمة - ما يغلق به الباب إذ يغلق بالمغلاق، ويروى: معلاق بعين غير معجمة، والمعلاق؛ شبه الخطاف الذي يعلق به الشيء، فمعناه: إذا علق بخصمه لم يتخلص منه، كما قال البعيث:
ألَدُّ إذَا لاقيْت قومًا بخُطَّةٍ ... ألَحَّ عَلى أكْتَافِهمْ قَتَبٌ عُقَرْ
والوجار: والوجار - بفتح الواو وكسرها -: حجر الضبع ويستعمار لغيرها.
والأربد: الذي يضرب إلى السواد.
وهذا الشعر يدل أنه لمهلهل، بخلاف ما قال ابن الكلبي.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
ألَمْ تَسْمَعِي: أي عَبْدَ في روْنَق الضُّحَى ... بكاءَ حَمَامَاتٍ لُهَنَّ هَدِيرُ؟
هذا البيت: لا أعلم قائله، وزعم قوم أنه لكثير، وقوله: أي عبد: أراد يا عبدة.
ورونق الضحى: إشراقه وضياؤه.
والهدير: والهديل - بالراء واللام - صوت الحمام، يقال، هدر يهدر هديرًا، وهدل يهدل هديلا: وفي: سقلقة بتسمعي، ولا يجوز أن تقلق بالبكاء، لأنك تقدم الصلة على الموصول.
وقوله: لهن هدير: جملة في موضع الصفة ل حمامات.
وبعده:
بَكَيْنَ فهيَّجْن اشتِيَاقِي وَلوْعتي ... وقَدْ مَرَّ مِنْ عَهْد اللّقَاءِ دُهُور
والعرب تختلف في صوت الحمام؛ فمنهم من يجعله بكاء، ويزعم أنها تبكي على فرخ لها هلكت، في عهد نوح ﵇، ويسمونه الهديل، ولذلك قال الكميت:
وَمَا مَنْ تهْتفينَ به لِنَصْرٍ ... بأقْرَبَ جابَةً لَك مِنْ هَدِيلِ
ومنهم من يجعله غناء، كما قال الآخر:
ألاَ قاتلَ الله الحمامَاتِ غدْوَةً ... عَلَى غُصْن ما هَيَّجْنَنَا حَينَ غَنَّتِ
وأظهر أبو العلاء الشك في ذلك حين قال:
أبَكتْ تِلْكمُ الحَمْامةُ أَمْ غَنَّ ... تْ عَلَى فَرْع غُصْنَها الَمْيّاَدِ؟!
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
أَعَبْدًا حلَّ في شُعَبَي غَرِيبًا ... أَلْؤمًْا لاَ أبالَكَ واغْتِرَابَا؟!
هذا البيت: لجرير بن الخطفي، وقد ذكرنا اسمه ونسبه فيما مضى. وكان السبب في قوله هذا الشعر: أنه لما هجا الراعي النميري فقال في هجائه:
إذا غَضَبتْ عليكَ بَنُو تَمِيمٍ ... حَسِبْتَ النَّاسَ كُلَّهم غِضَابَا
عارضه العباس أو خالد بن يزيد الكندي، وكان مقيما بشعبي فقال يجاوبه:
ألاَ رَغِمَتْ أُنوفُ بَنِي تَميمٍ ... فُسَاةُ التّمْر إن كانوا غضابا
لَقَدْ غَضِتْ عليَّ بنو تَميمٍ ... مَمَا نَكَأَتْ بغَضْبّتهَا ذُبَابا
لو اطَّلع الغُراب على تَمِيمٍ ... وما فيها من السَّوْءَاتِ شَابَا
فقال جرير يهجوه.
إذا جَهِل الشَّقيُّ ولم يقدِّرْ ... لِبعْضِ الأمْرِ أوْشَك أنْ يُصابَا
ستَطْلُعُ من ذُرَا شُعَبَي قوافٍ ... على الكِنْديِّ تلتهبُ التهابا
أعبدًا حَلَّ في شُعَبَي غَريبا ... أَلؤْمًا لا أبالك واغترابا؟!
1 / 35