ألاَ يا عبادَ الله قلبي مُتَيَّمٌ ... بأحْسنِ مَنْ صَّلى وأقْبحهم بَعْلا
هذا البيت: لا أعلم قائله.
ووقع في كثير من النسخ فعلا، وهو غلط وتصحيف، وإن كان له معنى حسن، لأن ما بعد هذا البيت يبطله، وهو قوله:
يدبّ على أَحشائِها كلَّ ليلة ... دَبِيبَ القرَني يَقرُونَقًا سَهْلا
فالبيت الثاني: يدل على أنه يمدح امرأة، ويهجو زوجها، فقال: هي أحسن الناس، وشبهه إذا علاها للنكاح بقرني تدب فوق بعل، إشارة إلى كثرة لحمها، وعظم كفلها.
وفي تدب ضمير راجع إلى البعل.
والقرنى: نوع من الخنافس، والنقا: الرمل المستطيل، وتقرو: تسير من موضع إلى موضع، والدبيب: المشي الضعيف، والمتيم: الذي عبده الحب، ومنه قيل: تيم اللات، واللات: صنم.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
قالتْ هُرَيْرَةُ لما جِئتُ زائِرَاها ... وبَلى عليكَ، وَوَيليِ منْك يا رَجلُ!
هذا البيت: لأعشى بكر، وقد ذكرنا اسمه فيما تقدم.
ويروى: ويلٍ عليك، ويلا، روى بكسر اللام وفتحها. وزائرها: منصوب على الحال.
ومعناه: ويلي عليك؛ لأنك تقتل بسببي، وويلي منك؛ لأنك تفضحني!.
وبعده:
يا من رَأى عارضا قد بتُّ أرْقُبُهُ ... كأنما البرق في حافاتِهِ شُعَل
لَهُ ردَافٌ وجَوْزٌ مُفْأَمٌ عَمِلٌ ... مُنطَّقٌ بسجال الماء مُتَّصِلُ
وأنشد أبو القاسم، في هذا الباب:
حَيَّتْك عَزَّةُ بعد اْلهَجْر وانْصرفَتْفحيِّ وَيْحك مَنْ حَيَّاكَ يا جملُ!
لَيْتَ التحيَّةَ كانتْ لِي فأشْكُرَهَا ... مكانَ؛ يا جَمَلًا: حُييِّتَ يا رجلُ!
هذا الشعر: لكثير عزة، وقد ذكرناه فيما مضى.
وكانت عزه قد هجرته، وحلفت ألا تكلمه، ثم لقيته بمكة فضربت بيدها على جمله، وقالت: حياك الله يا جمل! وقوله: يا جملًا، كان الوجه رفع الجمل، وترك التنوين، وبناءه على الضم، لإقبالها عليه بالنداء، كما ارتفع الرجل بالإقبال عليه، ولكنه اضطر فنونه ورده إلى أصله، وهذا اختيار أبي عمرو ابن العلاء.
وقد روى: يا جمل حييت ... - بالرفع - وتنوينه للضرورة، وتركه على رفعه اختيار الخليل وسيبويه، رحمهما الله تعالى.
وبعد هذا الشعر:
لوْ كنْتَ حَيَّيْتهَا ما زِلت ذا مِقَةٍ ... عندي وضلاَ مَسَّك الإدلاَج والعملُ
فَخَرَّ من جَذَعٍ إذْ قلْتُ ذاك له ... ورام تكْلِيمَهَا لَوْ تنطق الإبل!
ويروي: فأقبلها، ويروي: يوم النفر، وهو يوم انقضاء الحج.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
أَلاَ يَا زيدُ والضَّحاكُ سِيرَا ... فَقَدْ جَاوَزْتَمَا خَمَر الطَّرِيقِ
هذا البيت: لا أعلم قائله.
والخمر: كل ما يستر الإنسان وغيره، من شجر وغيره.
والسرى: ما سير من السحر خاصة.
يقول لصاحبيه: قد جاوزتما المكان الذي فيه انقطاع السبيل، فسيرا آمنين، واتركا ما أنتما عليه.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
فما كَعْبُ ابنُ مَامَةَ وابن سُعْدَي ... بأجودَ مِنْكَ يا عمرَ الجْوَادَ
هذا البيت: لجرير بن الخطفي، في شعر يمدح به عمر بن عبد العزيز، وبعده أبيات وهي:
يَعَودُ الحِلم منْكَ عَلَي قُريشِ ... وتُفْرجُ عَنْهم الْكُرَبَ الشِّداد
وقد امَّنْتَ وحشَهُم بِرِفْق ... ويُعْيِى النّاسَ وَحْشُكَ أن تًصاَدَا!
وتَدْعُوا اللهَ مجتهدًا لِيرْضَى ... وتذكرُ في رَعيّتك المعَادَا
وأراد ب ابن سعدى: أوس بن حارثة، بن لأم الطائي وسعدى: أمه، وقد ذكره بشر بن خازم في قوله:
إلى أَوْس بنِ حارثةَ بْنِ سُعْدَى ... لِيقْضِى حاجَتِي فِيمَنْ قَضَاهَا
وما وَطِئ الثَّرَى مِثْل ابن سُعْدى ... ولا لَبِسَ النِّعال إذَا احْتَذَاهَا
وكعب: هو كعب بن مامة الإيادي، وهو الذي آثر على نفسه بالماء، حتى هلك عطشًا!
1 / 33