والتأييه: الدعاء، يقال: أيهت بالرجل، إذا دعوته، وأيهت رس، وفي الحديث أن ملك الموت سئل: كيف تقبض الأرواح؟ فقال: أأيه بها كما يؤيه بالخيل فتجئ إلي.
والهجر: الكلام القبيح، بضم الهاء فإذا فتح فهو الهذيان.
والنضار: الخالص النسب، والنحيت: ضده.
والعتير: ما يذبح للأصنام، والعتر الذبح للأصنام بفتح العين والعتر بالكسر المذبوح نفسه.
وقولها: فإذا هلكت أجنني قبري: كلام لا فائدة فيه على ظاهره، والمعنى: فإذا هلكت قام عذري في تركي الثناء عليهم لهلاكي، فهو مما وضع السبب فيه موضع المسبب، وهو كثير في الكلام.
وأنشد أبو القاسم، في باب البدل:
وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْن؛ رِجْلٍ صحيحةٍ ... ورِجْلٍ رَمَى فيها الزَّمانُ فشلَّتِ
هذا البيت: لكثير عزة، وهو: كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي، ويكنى: أبا صخر.
وكان رافضيًا أحمق، فلما حضرته الوفاة قال:
بَرئْتُ إلى الإله منَ ابن أرْوَى ... ومنْ دين الخوارج أجمعينا
ومنْ عمر برئْتُ ومنْ عَتيقٍ ... غداةَ دُعِي أميرَ المؤمنينا
ثم خرجت نفسه، كأنها حصاة وقعت في ماء.! وابن أروى: هو عثمان بن عفان ﵁.
وكثير: تصغير كثير، وهو من الأسماء المنقولة عن الصفات. والكثير يستعمل في كلام العرب على معنيين: أحدهما: يراد به ضد القليل من قلة العدد.
والآخر: يراد به العزيز الجليل، يقال: كثرت بك، أي: اعتززت بك، والمرء كثير بأخيه من هذا، وإياء أراد العباس بن مرداس في قوله:
فإنْ أَكُ في شِراركمُ قليلًا ... فإني في خِياركُم كَثِيرُ
ونسب كثير إلى عزة، لشدة وجده بها وكلفه، واشتهاره بمحبتها. وصغر؛ لأنه كان حقيرًا، شديد القصر، وكان إذا دخل على عبد الملك بن مروان، يقول له: طأطئ رأسك لئلا يؤذيك السقف! ولذلك قال فيه الحزين يهجوه:
لقد علقت رب الذباب كثيرا ... أساود لا يطنينه وأراقم
قصيرُ القميصِ فاحِشٌ عِند بيْته ... يعضّ القُرادُ باسْتِهِ وهو قائم
وأما تشبيهه نفسه بذي رجلين؛ رجل صحيحه، ورجل شلاء، ففيه لأصحاب المعاني قولان: قيل: أراد أنها عاهدته وواثقته ألا تتحول عليه، فثبت هو على عهده، ولم تثبت.! وقيل: إنما تمنى أن تضيع قلوصه، فيجد سبيلا إلى بقائه عندها، فيكون من بقائه عندها كذي رجل صحيحه، ويكون من ذهاب قلوصه الحاملة له، وانقطاعه من سفره كذي رجل شلاء.! وكلا المعنيين صحيح.
أما المعنى الأول فكقول النجاشي:
وكنْتُ كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رماها صاحب الحدثان
فأما الَّتي صَحَّت فأَزْد شَنوءة ... وأما الَّتي شلَّت فأزد عُمان
ويدل عليه أيضًا قول كثير:
وكنَّا سلكنا في صَعُود من الهوى ... فلما تَوَافَيْنا ثَبَتُّ وزلَّتِ
وأما الذين قالوا: إنه داخل في التّمنِّي؛ فإنما قالوا ذلك؛ لأن قبله:
فليتَ قلُوصي عند عزَّة قُيِّدَتْ ... بحَبْلٍ ضعيفٍ عُزَّ منها فَضَلَّتِ
وغُودِرِ في الحَيِّ المقيمين رَحْلُها ... وكان لهُ باغٍ سِوَايَ فَبَلَّتِ
فتقديره عندهم: فليت قلوصي عند عزة قيدت، وليتني كنت.............
وقوله: رمى فيها الزمان: جملة في موضع الصفة لرجل، وأراد: رمى فيها الزمان الداء والشلل، فحذف المفعول.
ويروى: رجل صحيحة، ورجل ... بالرفع، وذلك أن تقديره: هما رجل صحيحة ورجل ... فيكون خبر مبتدأ مضمر، وإن شئت كان التقدير: إحداهما رجل صحيحه، والأخرى رجل........ فيكون الكلام جملتين وفي التقدير الأول يكون الكلام جملة واحدة.
وإن شئت كان التقدير: منهما رجل صحيحة، ومنهما رجل.... فيكون كل واحد منهما مبتدأ، ويكون الكلام أيضًا جملتين.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
لقدْ كانَ في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ ... تُقَضَّى لُباناتٌ وَيَسْأمُ سائِمُ
البيت: لأعشي بكر بن وائل، واسمه: ميمون بن قيس بن جندل، ويكنى: أبا بصير، ويسمى قيس أبوه: قتيل الجوع؛ لأنه دخل غارًا يستظل به من الحر، فوقعت صخرة على فم الغار، فمات فيه جوعا.! ففي ذلك يقول جهنام يهجوه:
1 / 3