ويروى: ألقى الحشية وهي ما يركب عليه الراكب: ومن روى: حتى نعله بالرفع، فالهاء في ألقاها يعود على النعل، لا غير، ومن نصب النعل أو خفضها، جاز أن يكون الضمير في ألقاها عائدًا على النعل وجاز أن يكون عائدًا على الصحيفة، ويكون في البيت تقديم وتأخير، كأنه قال: ألقى الصحيفة ألقاها، كي يخفف رحله، والزاد حتى نعله.
والرحل للناقة كالسرج للفرس.
وأنشد أبو القاسم في باب: القسم.
فخالفْ فَلاَ والله تَهْبِط تَلْعَةً ... من الأَرض إِلاَّ أَنتَ للذلِّ عارفُ
هذا البيت: ينسبه قوم إلى مزاحم العقيلي، ولم أجده في ديوان شعره، وأظن أن الذي نسبه إليه توهم أنه من قصيدته التي أولها:
أشاقَتكَ بالعرِينِ دارٌ تأبَّدتْ ... من الْحيِّ واشْتدتْ عَليها العواصف
وليس هذا البيت من هذه القصيدة، ولا فيها معنى يليق بهذا البيت.! ومعنى هذا البيت: أن السائر في بلاد العرب، في غير الأشهر الحرم إن لم يكن له مجير يجيره، ومعاقد يعاقده: سلب في كل موضع، وربما قتل، فكان الرجل الغريب يستجير بسيد الحي، فيكتب له على سهم أو غيره: فلان جاري، أو يصحبه من يسير معه، حتى يخرج من طاعته فيستجير بسيد حي آخر، فلا يزال يفعل ذلك بكل مكان مر به حتى يلحق بحيه، ولذلك قال الأعشي في رجل خرج في شهر حرامٍ، ثم هم الشهر بالانفصال وهو لم يصل إلى أهله، فاعتصم برجل أجاره وحماه، فقال له الرفاد:
فقبلك ما أَوْفى الرّفاد لجاره ... فأنجاهُ مما كان يَخشى ويَرهَبُ
تَداركه في مُنصِل اْلآلِ بَعدما ... مضى غير دَأْدَاءِ، وقد كاد يَعطبُ
والمحالفة: المعاقدة، والمصالحة، وأصلها: أن يحلف كل رجل من الرجلين لصاحبه ألا يغدر به.
والتَّلعة ههنا: المكان المنخفض من الأرض، وقد يكون المرتفع من الأرض، وبيت طرفة يحتمل الأمرين جميعًا وهو قوله:
ولست بِحلاَّل التّلاع مخافةً ... ولكن متى يَسترفِد القومُ أَرْفد
ويروى لبيتةٍ.
فمن جعل التلاع في هذا البيت المرتفعة، فمعناه أنه لا ينزل المواضع المرتفعة، مخافة أن يغار عليه، ويقوي هذا المعنى رواية من روى: لبيتةٍ ومن جعلها الموضع المنخفض كان معناه: أنه لا ينزل المواضع الخفية فارًا من قصد الأضياف إليه؛ لأن اللئيم يخفى مكانه ويقصر سمك بيته لئلا يقصد.
ويؤيد هذا المعنى الثاني قوله: ولكن متى يسترفد القوم أرفد.
وقوله: فلا والله تهبط أراد: فلا والله لا تهبط، فأوقع لا في غير موضعها، كما قال الأعشى:
أَحَلَّ له الشَّيبُ أَثقالَهُ ... وما اغترَّهُ الشَّيبُ ألاّ اغْترَارَا
أراد: وما اغْترارًا إلا الشيبُ.
ويمكن أن يكون لما ذكر لا الأولى، أغناه ذلك عن أن يعيدها ثانية.
وقوله: من الأرض إن جعلت من متعلقة يتهبط فلا موضع لها، لتعلقها بظاهر، وإن جعلتها متعلقة بمحذوف فلها موضع، وهي في موضع الصفة لتلعة.
وقوله: إلا أنت للذل عارف: جملة لها موضع من الإعراب لأنها في موضع الحال من الضمير في تهبط.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
تَاللهِ يَبقى عَلى الأَيام ذُو حَيَدٍ ... بمشمخِرِّ به الظَّيَّان والآسُ
هذا البيت: يروى لمالك بن خالد الخناعي، كذا في كتاب سيبويه.
وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: أنشدني أبو نصر هذا الشعر لأبي ذؤيب الهذلي، قال: وأبو عمرو يروي هذا الشعر للفضل بن عباس عتبة بن أبي لهب.
ويروى: تالله ولله، وكلاهما قسم فيه معنى التعجب.
ويعني بقوله: ذو حيد الوعل والحيد الروغان والفرار، كذا رواه أبو العباس محمد بن يزيد، ويروى ذو حيد بكسر الحاء، وقال: هو جمع حيدة، بمنزلة: حيضة وحيض.
وكذا رواه أبو سعيد السكري في أشعار الهذليين.
وقيل: هو اعوجاج في قرن الوعل.
والمشمخر: الجبل العالي، والظيان ياسمين البر، والآس: الريحان وقيل الآس: أثر النحل إذا مرت فسقط منها نقط من العسل، حكاه الشيباني.
وقيل: زرق النحل على الصفا.
وقيل: باقي الرماد على الأثافي.
وقال صاحب كتاب العين: الآس شيء من العسل.
والباء في قوله بمشمخر متعلق بكائن، أي كائن بمشمخر.
1 / 15