شنه اسپينې زړه مړ کیږي په اسفالت سړکونو کې

عبد الغفار مکاوي d. 1434 AH
63

شنه اسپينې زړه مړ کیږي په اسفالت سړکونو کې

الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت

ژانرونه

قلت في حنق لم تستطع أن تخفي ضعفك المستتر وراءه: بل قولي كم أنت سعيدة بالانتقام مني!

رمقتك بنظرة بعينيها الخضراوين العميقتين اللتين تحب على الرغم من كل شيء أن تقبلهما وتتملى من صفائهما دون أن تقول كلمة واحدة، جذبت نفسا من سيجارتها كأنها تثبت لك أن كلامك لا يستحق الرد عليه، شجعك هذا على التمادي، وبالانتقام أيضا من زوجك: أنت تكرهينه لا تنكري، وتكرهينني أيضا، لا تحاولي أن تقاطعيني. ثم تستطرد في صوت مرتفع تستغرب صدوره عنك وفي حركات تمثيلية ربما كنت تجربها لأول مرة: إنني لم أرده لذلك فهو غير موجود بالنسبة لي، إننا لا نعترف بوجود شيء إلا إذا كنا نريده، العالم كله ليس موجودا بالنسبة لي ما دامت إرادتي لا تسلم بوجوده؛ فما بالك بمن لا أعرف عنه شيئا، ولم أفكر فيه ولم أره ولا أفكر في أن أراه؟

قالت في سخرية أقرب إلى الرثاء: ألا تفكر حقا أن تراه؟

قلت في قسوة تداري بها ارتجافك من السؤال وخوفك من أن يتم اللقاء: ولو نادى علي بنفسه!

ظننت أنك أغلقت باب الحديث أو أنك على الأقل ستنتقل إلى موضوع آخر، لم تكن قط تتوقع أن تفاجئك بصوتها الهادئ المتكبر يقول: جبان! كان هذا دائما رأيي فيك.

لم تثر الثورة التي كنت تتوقعها من نفسك، وتتوقعها هي أيضا منك، لم نجد الشجاعة المفاجئة التي تهز كياننا كله في لحظة واحدة كزلزال مظلم غريب، فنقوم بعمل ما ندريه ولا نتصور بعد انقضائه أننا قمنا به.

ارتجفت مرة واحدة؛ ارتجفت كل أعضائك وتفككت وانهارت، وتصببت عرقا، وتجمعت كلها، وحاولت أن تلم شتاتها؛ لتخرج صوتا حزينا ضعيفا مرتعشا يقول: لم أكن أتصور أنك تهينينني إلى هذا الحد! لنسدل الستار على كل شيء.

نهضت من على الكرسي بحركة مفتعلة، أدرت لها ظهرك الذي ينتفض كله من الخوف والخجل وخيبة الأمل لتفتح الباب، انتظرت قليلا، فلما لم تسمع حركتها التفت فوجدتها تصوب عينيها العميقتين الخضراوين إلى قلبك، لم تقل شيئا بل نهضت هي الأخرى ولمت أطراف معطفها على كتفيها، ونظرت في المرآة فسوت شعرها ، ثم جاءت فوقفت أمامك حتى أحسست بعطر أنفاسها وجسدها الذي تعرف رائحته، ومالت برأسها، وطبعت على خدك قبلة لم تفاجئك كثيرا، وقالت وهي ترفع ذراعها وتحرك أصابعها حركة الوداع: موعدنا مساء السبت مثل كل أسبوع.

بقيت وحدك في غرفتك الكئيبة؛ الأثاث الكلاسيكي القديم الذي طالما أبدت صاحبة البيت حرصها عليه يحدق فيك في سكون وينتظر! البرد كان هناك والثلج كان يتساقط من خلال النافذة ويستريح على أسطح البيوت وفروع الشجر، وأرض الشارع الساكن، والقمر أيضا كان هناك، يطل عليك من وراء الغيوم الداكنة التي تحاول أن تخنقه في غضب أسود دون أن تفلح في أن تحجب عنك وجهه المضيء، كوجه طفل صامت في تابوته الذهبي. وتسرع بارتداء معطفك، برغم أنك تعرف أنك تنجو من الإصابة بالبرد الذي لا يتركك، وتسير في الشارع الذي تتلاعب نتف الثلج بفوانيسه الشاحبة دون أن تسأل نفسك وأنت تجذب نفسا من الهواء الرطب المنعش الخالي من رائحة الدخان والفحم والعرق وعطر الجسد وعفونة الملاءة المتسخة؛ لا تسأل نفسك إلى أين؟ لأنك في العادة تتجه إلى المقبرة القريبة المهجورة (أفما زلت تذكر تمثال الحبيبة الصغيرة الممددة على التابوت وبين يديها كتاب كانت تقرأ فيه؛ الحبيبة الشابة التي كانت تأخذك دائما إليها، ثم تقف بك عند كل قبر؛ لتشرح لك قصة صاحبه، وتقرأ معك الكلام المكتوب على شاهده بحروف ذهبية).

تذهب إلى هناك، فلا تجول في هذه الساعة المتأخرة من الليل - كيف تجسر على تعكير صفو الموتى بوقع حذائك الذي ترن حديدته على الأرض كأقدام حصان عجوز عائد مع جيش مهزوم؟ - بل تجلس على الأريكة «الوحيدة» هناك، يمر عليك العشاق متعانقين، ويفطنون إلى وجودك فيتضايقون ويبحثون عن أريكة أخرى في حديقة المقبرة، أو يسيرون صامتين في طرقاتها وبين أشجارها العتيقة العالية.

ناپیژندل شوی مخ