وما أصاب المسلمين ما أصابهم أفرادا وجماعات قديما وحديثا الا لما اغفلوا من هذا الركن وتهاونوا من حراسته واهملوا من تغذيته بروح الإسلام مما يفيض به القران المجيد القويمة من البشائر والنذاير والقوارع والزواجر ، نحن لا ننكر انهم مؤمنون بذلك اليوم بل نعترف لهم بذلك ونصدقهم فيه ولكنا نقول انهم لم يؤمنوا الإيمان الذي تترتب عليه ثمرته من اجتناب النواهي وامتثال الأوامر والا فكيف التوفيق بين الإيمان بالنعيم والجحيم وبين اقتراف الجرائم وترك العظائم في إن واحد . نعم انهم مؤمنون إيمانا صوريا لم تلامس حقيقته شغاف قلوبهم على حد ما قال الشيخ أبو نصر رحمه الله.
نرى الامر عن علم اليقين تقينا ونعمل أعمال الذي شك في الأمر
سينكشف السر المغطى وتنجلي ولك ن غيابات هذا الشك عن واضح الخبر
إن اليوم الأول مزرعة لليوم الآخر فمن زرع في مزرعته سكرا حصد سكرا ومن غرس فيها حنظلا اجتنى لا محالة حنظلا ولم يكن من سنة الله أن يحصد غارس الحنظل من غرسه سكرا ولا أن يجتني زارع السكر من مزرعته حنظلا .
هذا مثلا صغير لذلك
(( وتلك الأمثل نضربها للناس وما يعقلها إلا العلمون )) .
( سورة العنكبوت الآية 43 )
الفصل الخامس
القضاء والقدر
إن اكثر المسائل أشكالا واشهدها تعقدا هي مسالة القضاء والقدر فقد خاضت فيها فحول الكتاب وتبارت فيها أقلام الباحثين والمفكرين وذهبوا فيها مذاهب شتى وانزلق كثير منهم أثناء ذلك في مهاوي سحيقة وذلك لصعوبة التوفيق بين إرادة الله المطلقة ، وبين اختيار البعد الثابت له . فمنهم من جذبه الاحتياط لارادة الله فسلب الاختيار عن البعد فالزم لنفسه نسبة الظلم إلى الله تعالى وهو يقول
(( وما ربك بظلم للعبيد ))
( سورة فصلت الآية 46 ) .
ومنهم ، من جذبه الاحتياط لاختيار البعد فالزم لنفسه نسبة الخلق إلى البعد ومشاركة خالقه فيه وهو يقول هل من خالق غير الله
(( والله خلقكم وما تعملون ))
( سورة الصافات الآية 96 ) .
مخ ۲۱