(( لو انهم أقاموا التوراة والإنجيل وما انزل عليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم - وان لو استقاموا والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم -
(( وألو استقموا على الطريقة لأسقينهم ماء غدقا )) .
( سورة الجن الآية 16 )
تلك آثار الإيمان باليوم الآخر حقا وهذه ثمراته وتتجلى هذه في أجلى مظاهرها إذا استعرضنا أمامنا سيرة منكر ذلك اليوم في جميع مظاهر حياته وانما تعرف الأشياء بأضدادها .
لا يخفي إن المكذب لذلك اليوم لا يجد من نفسه وازعا يزعه عن الجرائم ولا باعثا يبعثه على الفضيلة كما يجد الأول وإذا لم يحس من نفسه بما يحس الأول فهل تدعه نفسه الأمارة وهي لا تؤمن بحساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار أن يتحمل مشاق التكليف ويستقيم على الطريقة بما يكفل له ولمن له علاقة به عز السعادة وحسن العقبى ؟ كلا وألف كلا اللهم إلا إذا كان خوفا من مذمة العار ، أو ضغط القانون ، أو صولة الحكومة وهذه وان راقبته في شيء فسينفلت عنها في أشياء ربما كان من ناحيتها شقاؤه وشقاء المجتمع بأسره كما هو مشاهد محسوس . ولو أن الناس امتثلوا أمر ربهم وأمنوا باليوم الآخر إيمانا يعقبه ثمرته المنشودة منه من اتقاء الموبقات والإتيان بالأعمال الصالحة فهل تحتاج الدول لضبط البشرية إلى ما هي عليه الآن من وضع القوانين والنظامات وتجنيد الجنود وتجهيزها بالمعدات الجهنمية ثم هي لم يجدها هذا فتيلا بل زادها هذا الضغط انفجارا ، وهذا الضبط اشتعالا ولم تزل ولن تزل تقوم وتقعد لعقد المؤتمرات وإبرام المعاهدات وتسجيل الاتفاقيات في غير فائدة ولا جدوى . فما أغناها عن هذا العناء كله لو استقامت على الطريقة وحملت متبعيها على اعتناق خطة الاستقامة ولكن أبت سنة الله إلا ذلك ولن تجد لسنة الله تبديلا .
مخ ۱۹