حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرونه
Infinitesimals »، الذي كان يعتقد أنه يقوم بدور أساسي في تطبيق حساب التفاضل والتكامل المخترع حديثا، وكان الرأي السائد هو أن اللامتناهي في الصغر هو كمية ليست بلا حجم، وليست لا نهائية، وإنما هي صغيرة إلى حد «التلاشي». وكان الاعتقاد السائد هو أن مثل هذه الكميات هي التي تستخدم في تكوين المعادلات التفاضلية والتكاملية. وبالطبع فإن هذا المفهوم كان واحدا من أقدم الآثار التي تحتوي عليها خزانة الرياضيات. ذلك لأنه يرتد إلى الوحدة عند الفيثاغوريين، التي هي صيغة مماثلة لهذا الكيان. ولقد رأينا من قبل كيف انتقد زينون النظرية الفيثاغورية. وفي العصر الحديث بدوره صدرت عن الفلاسفة تعليقات نقدية على نظرية اللامتناهيات في الصغر. وربما كان باركلي أول من أشار إلى الصعوبة المتضمنة في هذا المفهوم. وهناك بعض النقاط اللماحة في مناقشة هيجل لهذه المسائل، غير أن الرياضيين لم يعيروا هذه التحذيرات انتباها في البداية، وإنما مضوا في طريقهم، وطوروا علمهم الخاص، وخيرا فعلوا؛ ذلك لأن من السمات الغريبة في نشأة مباحث العلم الجديدة ونموها، أن فرض قدر زائد من الصرامة عليها قبل الأوان يخنق الخيال ويكبت الإبداع، على حين أن وجود قدر من التحرر من القيود الشكلية الصارمة يساعد على نمو البحث العلمي في مراحله المبكرة، حتى ولو كانت النتيجة هي المخاطرة بالوقوع في قدر من الخطأ.
ولكن، يأتي على تطور العلم في أي ميدان وقت يتعين فيه التشدد في معايير الدقة. ففي الرياضة، تبدأ فكرة الدقة والصرامة مع بداية القرن التاسع عشر. وجاء أول هجوم من جانب الرياضي الفرنسي «كوشي
Cauchy »، الذي صاغ نظرية منهجية في الحدود. وأدى ذلك، مقترنا بأعمال فايرشتراوس
Weierstrass
اللاحقة في ألمانيا، إلى أن أصبح الاستغناء عن اللامتناهيات في الصغر ممكنا، وقد بحث جورج كانتور
Georg Cantor
لأول مرة المشكلات العامة للمتصل والأعداد اللانهائية، وهي المشكلات التي تكمن من وراء هذه التطورات.
كانت اللانهائية العددية تثير مشكلات منذ عصر زينون ومفارقاته. فلو تذكرنا أخيل والسلحفاة، لأمكننا أن نعبر عن أحد الجوانب المحيرة في هذا السباق على النحو الآتي: بالنسبة إلى كل مكان فيه أخيل، هناك مكان احتلته السلحفاة. وهكذا فإن المتسابقين قد احتلا، في أي وقت بعينه، عددا متساويا من المواقع. ومع ذلك فمن الواضح أن أخيل قطع مسافة أوسع، مما يبدو متعارضا مع الفكرة التي يؤكدها الحس العادي، والقائلة إن الكل أكبر من الجزء. ولكننا عندما نتعامل مع مجموعات لا نهائية، لا يعود الأمر كذلك. فلنأخذ مثلا بسيطا: ففي سلسلة الأعداد الصحيحة الموجبة، التي هي مجموعة لا نهائية، توجد أعداد فردية وزوجية. فإذا استبعدنا الأعداد الفردية، قد يبدو لنا أن الباقي هو نصف ما بدأنا به. ولكن الواقع أن ما يتبقى من الأعداد الزوجية يساوي كل ما كان لدينا من الأعداد في البداية. ومن السهل جدا إثبات هذه النتيجة المحيرة، وذلك بأن نكتب أولا سلسلة الأعداد الطبيعية، ثم إلى جانبها سلسلة ناتجة عنها عن طريق مضاعفة كل عدد على التوالي، فنجد لكل عدد في السلسلة الأولى مقابلا في السلسلة الثانية، أي أن هناك، على حد تعبير الرياضيين، علاقة «واحد لواحد» بينهما. وعلى ذلك فإن كلا من السلسلتين لها نفس العدد من الحدود. وإذن ففي حالة المجموعات اللانهائية يحتوي الجزء على عدد من الحدود يساوي الكل. وتلك هي السمة التي استخدمها كانتور لتعريف المجموعة اللانهائية.
وعلى هذا الأساس وضع كانتور نظرية كاملة في الأعداد اللانهائية، فبين بوجه خاص أن هناك أعدادا لا نهائية من أحجام مختلفة، وإن كان من الواجب بالطبع ألا ننظر إليها بنفس الطريقة التي نتحدث بها عن الأعداد العادية. ومن أمثلة اللانهائية التي هي أعلى من سلسلة الأعداد الطبيعية، سلسلة الأعداد الحقيقية، أو المتصل
Continuum
ناپیژندل شوی مخ