وما يزال متواترا حول الخضر أو سيدنا الخضر (الرجل الأخضر)، ولقمان بن عاديا الكبير أو الحكيم لقمان، وسطيح الذي يقال إنه عاش ثلاثين قرنا وكان يسكن البحرين، وكذا ما تبقى من حكايات وخرافات العرب البائدة: «عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم والعماليق»، وأشهرهم خرافات وخوارق عوج بن عناق، والشاعر الجاهلي الخرافي أمية بن أبي الصلت، والملك الكاهن الجاهلي عبيد بن شريه الجرهمي، وكذا خرافات وضاح اليمن، وأمراض العشق في قيس وليلى، وقيس ولبنى، وجميل وبثينة، وجزاء ذلك البناء سنمار الذي يمتلك موهبة إشادة قصر شاهق يدور مع الشمس، وكان جزاؤه القتل بأن ألقي من فوق أسواره.
وقد يكون مفيدا الاستطراد فيما ذكره ابن النديم في أول وأهم قاموس عربي: الفهرست، استنادا إلى الموسوعي العربي محمد بن إسحق، مع ملاحظة ذكره لبداية رصد الأصول الأولى لألف ليلة وليلة، والتداخلات بين التراثين العربي والفارسي الآري.
وليس هذا بالتحديد غرضنا من استعارة هذا الجزء عن فهرست ابن النديم، بقدر ما أن غرضنا هو مدى خصوبة المدونات العربية التي ضاع معظمها وافتقد من المواد الفولكلورية، بينما يمكن في ذات الآن افتراض أن معظم هذه المواد انتقل مخزونه إلى الذاكرة الجمعية الفولكلورية لبلداننا العربية الآنية، وسيوقفنا دأب البحث على الكثير.
وسأورد فيما يلي شذرة بسيطة اقتطفتها من فهرست ابن النديم حول أسماء المؤلفات من شعبية وفولكلورية، ما ضاع واندثر منها، وما لا يزال في عداد نصف المليون مخطوطة عربية التي لم ترها المطبعة إلى أيامنا منذ المعرفة بها في القرن 16.
قال ابن إسحق: أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبا وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان: الفرس الأول، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد بعد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقله العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء فهذبوه ونمقوه وصنفوا في معناه ما يشبهه.
وأول كتاب عمل في هذا المعنى هو كتاب هزار أفسان، ومعناه ألف خرافة، وكان السبب في ذلك أن ملكا من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد، وتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية يقال عنها: شهر زاد، ابتدأت تخرفه وتصل الحديث بما يحمله على استبقائها إلى أن أتى عليها ألف ليلة وهو مع ذلك يطؤها إلى أن رزقت منه ولدا. وقد قيل إن هذا الكتاب ألف لحماني ابنة بهمن، ويرى ابن إسحق أن أول من سمر الليل الإسكندر، واستعمل الملوك من بعده كتاب «هزان أفسان» ويحتوي على ألف ليلة. يقول ابن النديم: «وقد رأيته بتمامة دفعات، وهو في الحقيقة كتاب غث بارد الحديث.» قال ابن إسحق: ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري - صاحب كتاب الوزراء - بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره، وأحضر السامريون فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واجتمع له 480 ليلة، كل ليلة سمر تام يحتوي على 50 ورقة، ثم عاجلته المنية قبل أن يتم تتمة ألف سمر، ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي.
وكان قبل ذلك ممن يعمل الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم جماعة منهم: عبد الله بن المقفع، وسهل بن هارون، وعلي بن داود كاتب زبيدة وغيرهم، وقد استقصينا أخبار هؤلاء وما صنفوه في مواضعه من الكتاب.
فأما كتاب كليلة ودمنة فقد اختلف في أمره، فقيل: عملته الهند، وخبر ذلك في صدر الكتاب. وقيل: عملته ملوك الأشكانية ونحلته الهند. وقيل: عملته الفرس ونحلته الفرس. وقال قوم: إن الذي عمله بزرجمهر الحكيم.
ولا بأس بالطبع من مجرد رصد عينات لا غير مما أورد ابن النديم في موسوعته الفهرست من مواد فولكلورية مدونة.
أما كتاب سندباد الحكيم وهو نسختان: كبيرة وصغيرة، والاختلاف فيه أيضا مثل كليلة ودمنة، والأصوب أن تكون الهند صنفته.
ناپیژندل شوی مخ