المقدمة 1 - على الأعتاب يعتبر القرن الرابع الهجري - عند بعض الدارسين حول التاريخ الاسلامي - عهدا مميزا بأهمية خاصة من بين القرون التي سبقته ولحقته.
وربما بكون بين أسباب ذلك أنه القرن الذي سبقته ثلاثمائة عام، كانت كافية لأن ترسو فيها الأمة على شاطئ الاستقرار والأمان، في السياسة والقانون والعقيدة، بعد أن مرت بالتجارب العديدة واللازمة والمتفاوتة في أشكال الحكم وأنظمته، وفي المدارس الفقهية ومناهجها، وفي الآراء والعقائد ونظرياتها، كما كان المفروض أن يتم الازدهار على كافة الأصعدة، بعد أن جرب كل أصحاب القدرات والمهارات المهنية والصناعية والعملية حظوظهم، وحتى بعد أن امتلأ أصحاب الشهوات والأهواء من أمنياتهم ورغباتهم التي حصلوا عليها، بعد أن عانت الأمة وعاشت كل الآلام والآمال، ووقفت على كل التجارب، وحان لها أن تقترع على الشكل النهائي والأفضل، والذي يتمثل فيه " الحق الاسلامي " الذي تنتمي إليه الأمة بكاملها، على اختلاف أهوائها ومذاهبها، والعنوان الكبير الذي لا يزال له الهيبة والرسم، وإلى وده وحبه تتسابق كل الفئات، وكل يدعي وصلا به، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: نجد في هذا القرن خاصة، الزمان الذي تكاملت فيه مصادر المعرفة الإسلامية، وجمعت وضبطت، بحيث لم
مخ ۹