حکایه وما په کې دی
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
ژانرونه
بيلي كولينز
أيهما تتبع ... حياتك أم خيالك؟
مفارقة
ذات مرة قال القاص والروائي الأمريكي رون كارلسون: «دائما ما أكتب بناء على تجاربي الشخصية، سواء عشتها أم لم أعشها.» ولعله يقصد هنا أنه يحاول أن يعيش تلك التجارب الغريبة عليه، ويتبناها بوعيه وخياله، يوما بعد آخر، سواء قبل عملية الكتابة أم على الورق؛ بحيث تصير جزءا لصيقا به، لا يكاد يختلف كثيرا عن التجارب التي خاضها بشحمه ولحمه. ومع هذا يظل السؤال قائما: عم نكتب؟
عم نكتب؟
ربما تكون قد سمعت تلك النصيحة المستهلكة الخاصة بأن تكتب فقط عما تعرف، ولعل أغلب الكتاب يبدءون أولى خطواتهم في الكتابة منطلقين من تجاربهم الشخصية، وربما تبقى تلك التجارب - مهما بدت محدودة وبسيطة - موردا دائما يلجئون إليه على الدوام، وعلى الرغم من هذا فإن تلك النصيحة البريئة في ظاهرها قد تكون فخا تواريه النوايا الطيبة، ولا بد في لحظة ما أن تتساءل: هل ستظل طوال مشوارك ككاتب أسير تجاربك اليومية المباشرة، التي قد تتشابه مع تجارب عشرات أو مئات الكتاب الآخرين؟ هل سيكون محرما عليك تماما أن تخوض غمار تجارب خيالية لم تعشها، وكان مستحيلا عليك حتى أن تعيشها؟ معنى هذا ضمنيا أن مئات الأعمال الأدبية ما كانت لتظهر إلى الوجود، ليست فقط الأعمال التاريخية أو الفانتازية أو روايات الخيال العلمي وغيرها الكثير، بل كذلك الأعمال التي تعتمد على تجاربنا المباشرة والحميمة، مع تطعيمها بمذاق الخيال، وتحوير أحداثها بحيث تنفصل عنا وتصير شيئا آخر له شخصيته المستقلة عن حياتنا وذكرياتنا.
كثير من الكتاب يؤمنون بمقولة «اكتب عما تعرف»، دون أن يعني هذا بالضرورة أن عالمهم محدود وضيق، بل ربما تكون تجاربهم من الثراء والاتساع بحيث لن تستوعبها أعمالهم الأدبية مهما اجتهدوا، وربما أيضا تبقى منطقة تميزهم هي رؤيتهم الخاصة لتلك الخبرات الحياتية البسيطة، وحساسيتهم التي لا تتشابه مع أي شخص آخر سواهم.
وعلى الجانب الآخر ستجد كتابا (أكبر عددا في ظني) يعتبرون تلك المقولة مجرد «كليشيه» عفا عليه الزمن، بل مجرد كلام فارغ، معتمدين على أدلة وأمثلة لا حصر لها، فمثلا: لم يكن الروائي الأمريكي - كاتب الروايات الحربية - توم كلانسي، ضابطا على غواصة قبل أن يكتب «البحث عن أكتوبر الأحمر»، كما أنه من المؤكد تماما أن ريتشارد باخ لم يكن طائر نورس حتى يكتب «النورس جوناثان ليفينجستون».
وهؤلاء الكتاب على هذا الجانب ينصحونك بأنه بدلا من أن تكتب عما تعرفه، يمكنك أن تكتب عما تحبه؛ لا يهم ما هو هذا الشيء، المهم أن تحبه. على سبيل المثال: كان آرثر جولدن - مؤلف رواية «مذكرات فتاة جيشا» - قد عاش في اليابان، وعمل لحساب مجلة تصدر باللغة الإنجليزية في طوكيو حين أتته فكرة كتابه سنة 1982، وفي عام 1986 - وبعد أن نال إجازته في الكتابة الإبداعية من جامعة بوسطن - بدأ بعمل أبحاثه حول حياة فتيات الجيشا، واكتشف بداخلها ثقافة أخرى ذات قوانين خاصة. اقتضى منه الأمر عشر سنوات والعديد من المسودات قبل أن يبيع الكتاب إلى إحدى دور النشر في مقابل مبلغ محترم.
حياتك هي المنبع الأول
ناپیژندل شوی مخ